حسين القاصد
قبل أشهر كنت في رئاسة قسم اللغة العربية/ كليتنا، وكانت إحدى التدريسيات تطلب من زميلتها كتابة أسماء رئيس و أعضاء لجنة المناقشة لموضوع ما، وإذا بها تقول: أ. د. فلانة ( رئيسة) و أ. د. فلانة ( عضوة)، وكان لي أن أتدخل بأننا لو وافقنا على تأنيث ( رئيس) ليس لنا تأنيث (العضو) فكان جوابُ التدريسية لي: لقد قمنا بإقرار ذلك في المجمع العلمي!!، فقلت لها: أعطيني عضوةً في الجهاز الهضمي مثلاً، ولا أقول في أي جهاز آخر في الجسد!.
غادرت المكان وحين صدر أمر المناقشة كان النص بالتذكير لا التأنيث، فحمدت الله أن الأمور بخير ولم يمرر ما أرادته الزميلة الفاضلة.
اجتهادات جديدة لا تستند إلى قوانين اللغة صرنا نراها، ويقال إنها وفقاً لآراء المجمع العلمي، مثل الفعل ( نرافق) وهو فعل مشاركة، وأريد له أن يحل محل ( نرفق إليكم كتابنا)، ولنا أن نتساءل كيف نرافق كتابنا؟ لماذا نذهب معه؟ ولماذا ننغلق على أنّ الفعل (نرفق) من الرفق بالحيوان؟ وكيف برفاق الدرب والعلم والنضال؟.
السيد رئيس المجمع العلمي المحترم توجه له أسئلة فيسبوكية، وحين يجيب يقوم بتوثيق إجابته في صفحته تحت عنوان ( استفتاءات لغوية)، ولفت انتباهي اليوم أحد ردوده حيث جعل كلمة ( عجوز) حصرا على الأنثى، مثل الحامل والمرضع، ولم يكتف بهذا بل يريد تأنيث الرتب العسكرية مثل ( المقدم و الملازم)!!
ومع أن ( عجوز) من المشتركات فالرجل عجوز والمرأة عجوز، لكننا سنضطر وفق رأي السيد رئيس المجمع العلمي بأن نقول:اللواءة الركنة فلانة، والفريقة أولى ركنة فلانة، كي نتجنب العجمة التي وردت في نص استفتاء السيد رئيس المجمع العلمي.
ألا يحدث لبسٌ حين نؤنث رتبة المقدم ونقول (مقدمة) قد نحتاج بعدها إلى تمهيد وخاتمة؟وماذا عن رتبة الملازم؟ هل نقول الملازمة الأولى للرتبة الأعلى ؟
لغتنا ذكورية لا سيما في الرتب والمناصب؛ فأنت حين ترى عشرة أشخاص بينهما تسع نساء ستقول: السلام عليكم، مع أن المذكر هو رجل واحد، وبعض التأنيث يذهب لجمع المذكر غير العاقل جمعا مؤنثا سالما فالرجال شامخون والجبال شامخات، وتأنيث جمع غير العاقل واضح جدا فهل لنا أن نجمع غير العاقل مذكرا سالما؟ عندها سيكون عاقلاً وتضطرب الدلالة ويتم الطلاق التام بين الدال المدلول.