05A2EDD17376135DD5B5E7216D8C98DB
07 May
07May

أمينة دعاء فنغور/ الجزائر.

-بطاقة تعريف بالكتاب: المؤَلَّف: الناقد الديني قامعاً قراءة في شعر ابن الشبل البغدادي.

 المؤَلِّف: حسين القاصد. دار النشر: مؤسسة دار الصادق الثقافية طبع-نشر-توزيع. مكان النشر: العراق. 

الطبعة: الأولى. السنة: 2025م. عدد الصفحات: 184.-وصف الكتاب: 

1/-الغلاف: يتجاذبه لونين طاغيين هما: البرتقالي المحمر والأحمر الحاران الثائران الدالان على حساسية الموضوع بين نقد الشعر والدين من السطحي إلى الأغمق، وألوان ثانوية في النصف صفحة الأولى أغلبها حارة: كاالبرتقالي والبرتقالي المصفر، وبصفة أقل الباردة: كالأزرق والنيلي (الذين يكملان البرتقالي في قانون الألوان المكملة في الفن التشكيلي) إضافة لبعض الرمادي المزرق الدالة على الصراع والإنسجام اللوني من جهة وعلى الصدمة في وجود ألوان باردة مع الحارة تكبح جماحها وتريح العين من جهة أخرى، تتوزع هذه الألوان على شكل مربعات ومستطيلات غير منتظمة فوق بعض تتخللها بعض الخطوط السوداء إذ توحي لنا بكثرة الأفكار المكدسة المتقاطعة والمنصهرة مع بعضها في صورة واحدة، كما يحتوي الغلاف على عنوان كبير للكتاب باللون الأبيض الحيادي الذي لا يميل لا للحار ولا للبارد، وعلى كلمة العلامة "د. محمد حسين الأعرجي" في حق الكتاب.

2/-العنوان: كتب عنوان هذا الكتاب "الناقد الديني قامعاً قراءة في شعر ابن الشبل البغدادي" بخط أبيض كبير بارز ومتسم بالقوة والوضوح للفت الإنتباه، تكوَّن من جملة إسمية طويلة إلى حد ما لتحدد زاوية الدراسة وتضبط البحث وتوحي بمدى الصرامة والجدية العلمية فيه. 

3/-الهيكل العام للكتاب: يتكون من 184 صفحة يفتتح بإهداء الكاتب، يليه فهرس محتويات مكون من عنوان أول هو تقديم للطبعة الجديدة وثلاثة فصول كبرى وخاتمة، لينتهي بقائمة المصادر والمراجع.

 -قراءة في الكتاب: 

   حقيقة الكتاب الذي بين أيدينا أنه بحث أكاديمي مبهر، وهو رسالة ماجيستير لباحث متميز هو "د. حسين القاصد" الطالب الوحيد الذي أشرف على رسالته العلامة "د. محمد حسين الأعرجي" كما ورد في تقديم الطبعة الجديدة، وما يزيد من متعة وأهمية الكتاب أن المدونة المدروسة لشاعر نادر الذِكر وهو ما ألزم الكاتب/الباحث بتكبّد صعوبات كبيرة في الحصول على بعض شعر "ابن الشبل البغدادي" لدرجة اقترابه من اليأس من الحصول عليه في فترة ما، إضافة لقلقه على مشرفه الذي لم يستقر وضعه الصحي إلا بعد عام، وهذا دأب كل باحث طموح جاد، ومتميز.     

يحمل أول فصل عنوان: "اضاءات في حياة ابن الشبل البغدادي وشعره" الذي عرّف "بابن الشبل البغدادي" الشاعر الحكيم الفيلسوف الطبيب الفقيه اللغوي الذي ولد في ظل تحولات سياسية وتاريخية وثقافية كبرى في بغداد بداية (ق: 5ه‍)، وتناول حياته ومصادر شعره، وتطرق هذا الفصل لمبحث ثان هو: "إشكالية الشعر والناقد الديني" تحدث عن تأثير الدين على نقد الشعر الذي جعله نقدا أخلاقيا عوض أن يكون نقدا أدبيا مختصا بالأدب بكل حالاته واصفا له بأنه نقد عاجز كبح الشعر بنظرته اللاموضوعية إلى أن ضعف الشعر الإسلامي بسببه، ليأتي المبحث (3): "الروافد الثقافية للشاعر" التي تصب في شعر ابن الشبل، أولها: "الرافد الديني" من خلال مفردات القرآن الكريم في شعره التي يختلف توظيفها لديه عن غيره من الشعراء إذ يتعامل مع المفردة الدينية فكريا وفلسفيا وتشغله قضايا دينية كبرى إما بالموافقة أو الرفض، بعده: "الرافد العلمي والفكري" كون الشاعر طبيبا وفيلسوفا وحكيما فسيبرز عنه حتما شعر مثقل بالمعارف، يليه رافد: "الأدب" القلب النابض لقصائده نظرا لتأثره بعمالقة العصر العباسي الذين كانوا قبله بفترة قريبة خاصة "أبو الطيب المتنبي" الذي كان حاضرا بقوة معنويا ونفسيا، إضافة لشعراء آخرين  كأبي نواس، وأبي العلاء المعري، وبشار بن برد، وغيرهم.

يأتي الفصل الثاني بعنوان: "موضوعاته الشعرية" ليبدأ ب: "جدلياته وحكمته وأسئلته الفكرية": فحسب الكاتب أن شعر "ابن الشبل" هو امتداد هجين بين العقل والعاطفة واللا عقل والتدين والتأثر. ثم"الخمريات": تناول فيها "سرد القصة الخمرية" في شعره فتارة يصف الساقي ودوران الكأس وتارة يتغزل بالخمر كعذراء مسكرة لمحبها وتارة يحث على شربها وعيش لحظة السُّكر الممتعة وغيرها، كما نجد حضورا طاغيا لخمريات "أبي نواس" في شعره، لتأتي بقية عناوين هذا الفصل تباعا من: "الرثاء": وإن كانت مرثيات "ابن الشبل" قليلة لكنها مميزة خاصة رثاؤه لأخيه، فتارة يرثي العقل وتارة يخوض في الحكمة والفلسفة من خلال الرثاء، ومن: "الوصف": نظرا لقدرته التصويرية الرهيبة إذ يصف بها مشاهد عديدة من: حالة نفسية، وحسناوات، والشيب، والزهور، والطبيعة، وغيرها.

 ومن: "الغزل": الذي نظم فيه الشاعر مقطوعات وقصائد قصيرة وأبيات متفرقة لمحبوبة قاسية عليه، بعده: "الهجاء": الذي كان قليلا جدا استخدمه في حالات معينة كخيبته بصديقه، وغدر الناس وصبره على أذيتهم، حيث وصف الكاتب هجاءه بالتقليدي الذي لم يرق إلى الشعراء العباسيين، ونجد: "الفخر": من فخر بصفاته الحسنة وبتفرده بالمحاسن إلى حد معاتبة خالقه على وجود مثله في عالم مقلوب (وهو من أسباب وصفه بسوء العقيدة من النقاد الدينيين) والفخر بشعره المضيء بالمعارف والفكر، يأتي بعده: "المديح": بعد أن عرف "مديح التكسب" لم يمدح "ابن الشبل" إلا بما يشعر بصدق مستخدما أسلوبا بصبغة متصوفة إلى حد ما في المديح وهذا يمهد لغرض آخر هو: "الزهد": من زهد بأرزاق الدنيا وبأيامه وغيرها، بعده: "الشكوى": إذ يبث انهياره أمام الدهر ويشتكي غدر الناس والظلم. يأتي آخر فصل من هذا الكتاب: "الدراسة الفنية" الذي يستهل بمبحث: "الألفاظ والتراكيب": إذ تحتل مفردات معينة شعر "ابن الشبل" بكثرة: كالماء، والليل، والنهار، والشمس، والقمر، والصل، الدالة على شخصيته العلمية وبيئتة البدوية إضافة للمفردات الدينية، لكن ذلك لا يوقعه في التكرار، بعده: "الإستفهام": الذي وظفه الشاعر بكل غاياته الحقيقية والمجازية والإنكارية، و: "الأمر والنهي": الذين استخدما بكثرة خاصة أن الشاعر معروف بحكمته ونصحه، بعده: "المقابلة والطباق": الذين أجاد الشاعر في استخدامهما بكثرة، ليأتي مبحث ثان: "الصورة الشعرية": وضح فيه الكاتب أنواع الصورة التي وجدت في شعر "ابن الشبل" من: صورة بصرية وسمعية وذوقية تحسس المتلقي وتدخل إلى مخيلته، وصورة خطية وصورة تقريرية (تحاكي الواقع) وصورة مجازية والصورة المبتكرة التي يخلقها من وحيه، وفي تأثيث صوره يستخدم: التشبيه، الإستعارة، الكناية، المجاز، ثم يأتي المبحث (3): "الموسيقى" ففي الموسيقى الخارجية: استخدم الشاعر أغلب البحور الشعرية المتمثلة في أحدَ عشرَ بحرا كان للبحر الكامل النسبة الكبرى ولبحري المجتث والهزج النسبة الأقل، أما القافية فقد كانت النسبة الكبرى للروي "الباء" والنسبة الأقل لحروف الروي "الواو، السين، الصاد، الضاد"، وفي الموسيقى الداخلية: يستخدم الجناس (التام والغير التام)، التكرار (جملا، لفظا، حرفا، وصوتا)، التدوير، رد العجز على الصدر الذي اعتبره الكاتب ثورة مبكرة على نظام الشطرين. لتأتي في آخر الكتاب خاتمة بأهم النتائج.-الجديد في الكتاب: 

1/-جهود الكاتب في تحقيق شعر "ابن الشبل": المتتبع لرحلة الكاتب مع "ابن الشبل" سيكتشف ما بذله من جهد عظيم في إيجاد وتتبع ديوان الشاعر القليل الذكر المغمور بحجة سوء العقيدة انطلاقا من مجرد رقم وتاريخ فقط!، حتى أنه أعاد تحقيق بعض شعره وأضاف قصائد أخرى جديدة حققها أيضا، كما تتبع كل من ذكروا هذا الشاعر من: د. حلمي عبد الفتاح الكيلاني، وابن النجار(ت 643ه‍) وهو أول من ذكر ديوانه وتبعه في ذلك القفطي (ت٦٤٦ه‍)، والذهبي (ت 743ه‍)، والصفدي (ت 764ه‍)، فحين ندقق في مواضع متفرقة من مباحث الكتاب التي وظف فيها الكاتب شعر "ابن الشبل"، نتلمس" تأصيله وتحقيق ما يوظفه" خاصة في الهوامش، مثل: _رائية الشاعر التي نسبت "لابن سينا": ذكر الكاتب أن معظم القدماء أكدوا نسبتها "لابن الشبل" ومنهم: ياقوت الحموي، وابن أبي أصيبعة، والشهرزوري. _الكشف عن الحضور الطاغي لشعر "المتنبي" نفسيا ومعنويا في شعر "ابن الشبل"، وأنه شعره عَكْس ما عرف عنه بأنه أقرب "لأبي العلاء المعري" رغم أن الكاتب لا ينفِ تأثر الشاعر بالمعري أيضا.

 _يزيل الكاتب من شِعر "ابن الشبل" كل ما يتعارض مع المنطق والعلم إذ نجده: 

 أ/-ينفي النزعة الصوفية عن بعض شعره كقول الشاعر: "خَرَجْنَا مِنْ قَضَاءِ الَلَّهِ خَوْفًا                  وَكَانَ فِرَارُنَا مِنْهُ إِلَيْه" وما يليه من الأبيات، حيث رجح أن سبب وصفها بالصوفية من قبل النقاد مثل "د. عدنان الظاهر" عائد إلى العصر الذي عاش فيه الشاعر، بينما الكاتب لا يرى ما يؤكد صوفية الشاعر.

 ب/- يستنكر الكاتب بعض ما ورد في شعره مثل قول الشاعر:

 "قالوا وقدْ ماتَ محبوبٌ فجعتُ بهِ         وفي الصبَا وأرادُوا عنهُ سلوانِي 

ثانية في الحسنِ موجودٌ فقلتُ لهم    

من أين لي في الهوَى الثاني صبا        ثانِي"

  فبعيدا عن المعنى العميق في رثائه هنا، يجد أن البيت أصابته الركة بسبب "الواو" الرابطة بين صدر وعجز البيت الأول، فضلا عن وجود "الياء" في كلمة "ثاني" التي لا مبرر ولا ضرورة لها فالكسر كافٍ هنا، والكاتب وظف البيتين كما وردا في المصدر لا غير رغم عدم قناعته. 

ج/- يرجح الكاتب بدلا من البيت الشعري:

 "قالُوا المَشِيبُ، فقلتُ صبــــ             ــحٌ قدْ تنفسَ عن غياهبِ" بيتا غير مُدوَّر ورد في رواية أخرى:

 "قالُوا المَشيبُ، فقلتُ بَلْ            صبحٌ تنفسَ في غَياهِبِ"إذ يرى أن البيت الأخير أنسب، لأن الإستدراك بـ (بل) أفضل من اللجوء إلى (قد) لإكمال الحشو العروضي.

 د/- يستغرب الكاتب من بعض الأبيات المجموعة معا كمقطوعة شعرية كقول الشاعر في الوصف: "وخضر الغصون إذا مَا التوت            ونيرانُ نارنجهاَ من لهبكقَصْب الزبرجد قد عُطّفت           صوالج تحت كرات الذهبصففنا على السمط اترجُّنا          فعن بعضنا قد حجبكخط الفوارس فوق الرؤو         س عن هامها خوذا من ذهب" وقد جمعها "د. حلمي عبد الفتاح الكيلاني" كمقطوعة يستغربها الكاتب إذ لا يجد مبررا لجمعها فالبيت(3) مكسور الوزن في عجزه كما لا يجد وحدة موضوعية في المقطوعة، ومما يعزز رأيه أيضا بأنها ليست ضمن قصيدة واحدة تكرار القافية في البيت (2) و(4)، حيث يقول "د. الكيلاني" أنه وجدها في "المحمدون من الشعراء" 38-381 منفصلة فجمعها لكونها تتفق في الوزن والروي والغرض، بينما لا يرى الكاتب أنها تتفق في الغرض نظرا لتصدر (كاف التشبيه) في البيتين (2) و(4) والتي تمكنهما من الإتفاق مع أي غرض، إضافة لعدم أخذه (سقوط تفعيلة من عجز البيت (3) في "بعضنا") بعين الإعتبار، ووجود" إيطاء" في البيتين (3) و(4) معنى ولفظا، وكلها تؤكد رأي الكاتب. 

هـ/- وظف الكاتب في حديثه عن "الغزل" لدى الشاعر أبياتا أولها: "ليكفِيكمُ ما فيكمُ من جوَى نلقى        فمهلًا بنَا مهلا ورفقًا بنا رفقا" وذكر أنه وظف (ليكفيكم ما فيكم) بدلا من الصيغة الواردة في "ما وصل إلينا من شعر ابن الشبل البغدادي" (ليكفكم ما بكم) نظرا لعدم استقامة الوزن مما جعله يبحث عن "أصلها" ليجد بعض روايات هذا البيت قد أوردته كما ثبته هو في استشهاده به، إضافة لقوله بأن أمثلة تجاوز (الياء) عند الشعراء كثيرة حتى في حالة الجزم مما جعله لا يجد مانعا من توظيفه.-وفي سياق "الغزل" نفسه وظف الكاتب الأبيات التالية:

 "إن تكن تجزع من دمع       إذا فاض فصنه أو تكن أحمدتَ يوما      سيدا يعفو فكنه أنا لا أصبر عمن                   لا يجوز الصبر عنهكل ذنب في الهوى       يغفرُ لي ما لم أخنه"

 حيث وردت على أساس أنها أبيات في "الحكمة والفخر"، لكن الكاتب وجد أن مكانها "الغزل".

-وفي" الغزل" أيضا وظف الكاتب البيت التالي: 

" كالخمر تعلو الماءَ حمرةُ لونها            وشعاعها يعلو بياضَ الماء"وذكر أنه ورد في المصدر (لونه) لكنها لا تستقيم لا سيما أن الشاعر استخدم التأنيث في (شعاعها) وبما أنهما دالتين على "الخمر" فبديهي أن التأنيث أولى.

-في"الهجاء" استخدم الكاتب البيت الموالي: "فما أنبيك عن غيٍ برشدٍ             لأن طلاب ما أعيا تجني" وذكر أنه وظف "أنبيك" بدلا من "أنبئك" التي أوردها "د. الكيلاني" بالهمزة إذ لا يستقيم الوزن مما جعله يحيلها إلى (ياء) كما هي في "المحمدون من الشعراء: 94/1".

-في سياق" الهجاء" أيضا وظف الكاتب البيت الآتي: "كلٌ يكافي الوفا مني بغدرتهِ      لؤما يكافي به الطير التماسيح" وذكر أن هذا البيت لم يرد في "ما وصل الينا..." لكنه وجده في هجائيات "ابن الشبل" مع "ابن ناقيا (ذكره الكاتب في حياة الشاعر في بداية الكتاب)" وقام بتثبيته.

 -في "المديح" استخدم الكاتب البيت الموالي: "والسيف لولا جوهر في حده            لم تبد فيه فضيلة للصيقل" وذكر أنه ورد في "ما وصل إلينا.." لفظة (جور) ولعدم استقامة الوزن والمعنى عاد إلى "المحمدون من الشعراء" فوجدها (جوهر) وثبتها لأنها أصح وأنسب. 

و/- في "الزهد" يوضح الكاتب أن أقوال الشاعر فيه إنما هي مجاراة لعصره وإبراز لمقدرته الشعرية لا غير لأنه بعيد كل البعد عن ذلك، فشخصيته حقيقية تعيش كل تحولات عصرها وتطرح تساؤلات مختلفة وترفض الزهد، لكنه يرجح إمكانية قوله في "الزهد" في آخر أيام حياته وهذا وارد عند الشعراء إذ يميلون للشعر الأخلاقي حين يقتربون من الموت، لكنه لا يستطيع إثبات ذلك كون القصائد كلها غير مؤرخة. ي/- في الحديث عن "الموسيقى الخارجية" في شعر "ابن الشبل" وظف الكاتب التالي: "مع اللجاج وشر الحقد والحسدوستة في لم يخلقن في ملك...حلمي وعلمي وإفضالي وتجربتيوحسن خلقي وبسطي بالنوال يدي" البيت (1) عثر عليه الكاتب في إحدى مناسبات الهجاء بين "ابن الشبل" و"ابن ناقيا" وقد ورد مع البيت الذي يليه في "الوافي بالوفيات"، 2534/1 وقد فات المحقق أن يذكره في "ما وصل الينا.. " إضافة لتوقفه عند كلمة "تجربتي" ظنا منه أن القافية تنتهي عندها.-في الحديث عن بحر "الوافر" عند الشاعر وظف الكاتب البيتين: "كأن النبق والعناب                 في الأوراق منتظمابنادق في اخضرار الريــ          ــش قد علقت الصغير دما"وهما مذكوران في "المحمدون من الشعراء: 397" كما ذكر الكاتب وأن "د. الكيلاني" أوردهما في "ما وصل الينا.." على أنهما من "الهزج" لكن وجود تفعيلة من الوافر (مفاعلتن) في البيت (2) ترجح كفة "الوافر" وإلا سيختل الوزن.

2/-"د. حسين القاصد" أول من اكتشف ظهور "الشعر الحر" عند "ابن الشبل البغدادي"!:        يبدو هذا صادما عند شاعر من العصر القديم! وهو ما نجده في المقطوعة التالية:"وستةٌ فيكَ لم يجمعن في بشر... كذب وكبر وبخل أنتَ جامعُهمع اللجاج وشر الحقدِ والحسدوستة في لم يخلقن في ملك...حلمي وعلمي وإفضالي وتجربتيوحسن خلقي وبسطي بالنوال يدي"إذ نلاحظ عدم وجود بيت شعري تقليدي مستقل مكون من شطرين، وتغير القافية في البيت(2)، إضافة لنظم الأبيات على بحر "البسيط" خلاف البحور الثقيلة الطويلة النفس عند القدماء، فالمقطوعة بلا شك تنتمي للشعر الحر الذي جاء به السياب ورفاقه كما وصفها الكاتب الذي يقول: "...

ولأن القصيدة العمودية من شطرين لا ثالث لهما -صدر وعجز

-  لذلك أرى أن ترحيله للقافية إلى الشطر الثالث في وزن محكم التفعيلات هو بمثابة شرارة تمهيدية للانفلات من سلطة القافية وتحرير القصيدة من نظام الشطرين". 

   3/-وفي الختام: فقد وضع "د.حسين القاصد" جهدا جبارا وطاقة بحثية واسعة ومعمقة ساهمت في تحقيق ولملمة شعر كاد أن يختفي وفي إعطائه السبق في إكتشاف أن "ابن الشبل" قد نظم الشعر الحر، كما يتجاوز الكتاب مجرد دراسة "موضوعية-فنية" إلى دراسة ثقافية أشبعها الكاتب "تحقيقا وتمحيصا وتدقيقا وتأصيلا" وهو وقت وجهد عظيمان يحسبان له، ويعطيان القاريء الثقة في تلقيه واعتماده.

 7/5/2025.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2025 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن