05A2EDD17376135DD5B5E7216D8C98DB
30 Apr
30Apr

رأى الدبلوماسي الأميركي بيتر غالبريث أن من الحكمة بقاء بعض القوات الأميركية في سوريا، حتى يتم القضاء تماماً على داعش في سوريا وحتى يتضح مستقبل سوريا، الذي "يجب ألا تكون دولة إسلامية".

وقال بيتر غالبريث، الدبلوماسي والسفير الأميركي السابق في كرواتيا، في مقابلة مع برنامج "رووداو اليوم" إن نفوذ إيران في المنطقة قد تضاءل و"لم يبق لها تأثير خارج حدودها إلا في الجزء العربي من العراق".

 كما تحدث الدبلوماسي الأميركي بشكل خاص عن الوضع في سوريا، قائلاً إن الرئيس السوري أحمد الشرع "لن يكون تابعاً لتركيا، لكن تأثير تركيا في سوريا سيزداد مقارنة بالدول العربية"، نظراً لأن الدول العربية المجاورة لسوريا مثل لبنان والأردن والعراق لديها مشاكلها الخاصة ولا تستطيع تعزيز موقعها في سوريا.

 وأدناه نص مقابلة رووداو مع بيتر غالبريث: رووداو: تغير كل شيء في سياسة الولايات المتحدة مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض، وقبل أيام قليلة أُعلن عن خفض القوات الأميركية بنسبة 50%. 

هل تعتقد أننا سنرى قوات أميركية في سوريا عام 2026 أم لن تبقى أي قوات؟

 بيتر غالبريث: مع ترمب، التنبؤ صعب، سلوكه غير مستقر للغاية ولا توجد ستراتيجية واضحة. أعتقد أن تقليل عدد الجنود ليس مشكلة كبيرة بحد ذاتها، المهم هو بقاء بعض القوات هناك مع القدرة على استخدام القوة الجوية لضرب داعش الذي يظهر من جديد، لأن الوضع في سوريا يخلق فرصاً جديدة لداعش. آمل أن يفهم ترمب أن التخلي عن روجافا (شمال شرق سوريا) وتركها لداعش أو دمشق لن يكون أمراً جيداً بالنسبة له. أتفق مع أولئك الذين يقولون إن أحمد الشرع قد تغير، لكن الأشخاص المحيطين به لم يتغيروا، هؤلاء مجموعة من الأشخاص كانوا من القاعدة وداعش. 

لذا، يبدو من الحكمة بقاء بعض القوات في سوريا لمواجهة ذلك، حتى يتم القضاء تماماً على داعش في سوريا وحتى يتضح مستقبل سوريا، الذي يجب ألا يكون دولة إسلامية، يجب أن تبقى القوات. 

رووداو: إذن المسألة لا تتعلق بالعدد، بل بوجود القوات؟ 

بيتر غالبريث: أعتقد أن هذا صحيح، طالما توجد القوة الكافية لتنفيذ المهام وتنسيق الضربات الجوية، لا يهم إن كانوا 2000 شخص أو 800 شخص، لذلك لا أعتقد أن هذا التخفيض مهم جداً. 

رووداو: ما هي سياسة أميركا تجاه سوريا؟

 من الصعب عليّ فهمها ولا توجد صورة واضحة، هل الأمر كذلك بالنسبة لك أيضاً؟ بيتر غالبريث: سبب عدم رؤيتنا لصورة واضحة هو أنه لا توجد أي سياسة. 

رووداو: لا توجد أي سياسة؟

 بيتر غالبريث: لم يقرروا بعد ما إذا كانوا سيعيدون فتح العلاقات الدبلوماسية أم لا، لم يقرروا ما إذا كانوا سيرفعون العقوبات أم لا، لم يقرروا كيف ينظرون إلى الشرع، لم يقرروا ما إذا كانوا سيبقون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أم لا، حتى أنه لا توجد ستراتيجية أكبر يمكننا من خلالها التنبؤ بالمستقبل، لذلك لا نعرف شيئاً على الإطلاق. 

رووداو: هل يعني هذا حقاً عدم وجود سياسة؟

 بيتر غالبريث: عادة، عندما يحدث تغيير من إدارة إلى أخرى، تستمر سياسة الإدارة السابقة ويتم تغييرها ببطء. على سبيل المثال، عندما أصبح باراك أوباما رئيساً بعد جورج بوش، على الرغم من معارضته لحرب العراق، إلا أنه استمر في إبقاء القوات الأميركية في العراق، وإن كان قد قلل عددها، لكن لم يكن هناك شيء جذري. ما يفعله ترمب هو عمل جذري، يوماً يفرض ضرائب على الجميع، وفي اليوم التالي يرفعها، سوق البورصة يرتفع وينخفض، بعض الناس يكسبون الكثير من المال، إنه سلوك غريب ولا يمكننا التنبؤ بما سيفعله.

 رووداو: مع الأخذ في الاعتبار العلاقة الجيدة لتركيا، وخاصة أردوغان، مع ترمب، كما يقول كلاهما؛ هل تعتقد أن الكورد في مفاوضاتهم مع دمشق يمكنهم الاعتماد على الدعم السياسي الأميركي؟

 بيتر غالبريث: لا، لا أعتقد أنهم يستطيعون الاعتماد على الدعم السياسي الأميركي، لكنني أعتقد أن الوضع بشكل عام واعد بالنسبة لكورد سوريا. أولاً، عملية السلام في تركيا مستمرة وأوجلان طلب من حزب العمال الكوردستاني (PKK) إلقاء السلاح وحل نفسه، وهذا هو الهدف الأهم لتركيا. 

ثانياً، الحقيقة هي أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) هي قوة أكبر، أفضل تسليحاً، أفضل تدريباً، وأفضل تنظيماً من هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد. الحل العسكري لن يكون سهلاً بالنسبة لدمشق، ولا أعتقد أن تركيا تريد استخدام الحل العسكري في وقت تنشغل فيه بعملية السلام. إذن، هذه فرصة لكورد سوريا، ولكن يجب أن تحدث ثلاثة أشياء للاستفادة من هذه الفرصة: 

أولاً، يجب أن يتحدوا ويجب على المجلس الوطني الكوردي في سوريا (ENKS) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وضع برنامج مشترك. 

ثانياً، يجب أن تكون مطالبهم واضحة، خاصة مطلبان: الأول والأهم، يجب أن يصروا على أن الدستور السوري الجديد يكتبه مجلس تأسيسي منتخب، وليس من قبل أشخاص يعينهم الشرع. الدستور هو نتاج تسوية بين المكونات المختلفة للبلاد.

 في سوريا، 35% إلى 40% من السكان هم كورد وعلويون ومسيحيون ودروز، ومن بين 60% إلى 65% من العرب السنة، عدد كبير منهم علمانيون، إذن إذا كان الأمر من خلال عملية انتخابية، فلن يتم وضع دستور إسلامي. الأمر الثاني الذي يجب أن يطالبوا به هو الفيدرالية؛ الفيدرالية فعالة في بلد مثل سوريا، لأنه في روجافا (شمال شرق سوريا) توجد قوانين علمانية ومساواة بين الجنسين، نصف المسؤولين المنتخبين نساء والنصف الآخر رجال، وفي إدلب أداروا دولة إسلامية. في نظام فيدرالي، يمكن استيعاب كليهما. 

إذا ذهبت إلى دولة مركزية، يفوز طرف ويخسر الطرف الآخر، مما يصبح مصدراً للتوتر. هذا النوع من الاختلافات موجود في جميع الدول الفيدرالية، موجود في العراق، القوانين في كوردستان تختلف عن بغداد، وموجودة في الولايات المتحدة التي هي دولة فيدرالية مركزية، ولايتي لديها قوانين مختلفة عن لويزيانا، نحن نستخدم القانون العام وفي لويزيانا يستخدمون القانون المدني، وبشكل عام ينجح الأمر. الشرع لا يستطيع فرض إرادته وسيصبح مصدراً لعدم الاستقرار. أعلم أنه في الذهنية العربية يعتقد الناس أن الفيدرالية تعني تقسيم البلاد، صحيح أنه في العراق عندما تفاوض الكورد على الدستور العراقي، أرادوا أكبر قدر من السلطات لكوردستان وأقل قدر من السلطات لبغداد، لأن الجميع يريد كوردستان مستقلة. أنا أعمل مع القضية الكوردية منذ عام 1984، وخلال هذه الفترة لم ألتق بأي كوردي عراقي يقول لي: "لا، لا، أفضل أن أكون عراقياً على أن تكون لدينا كوردستان مستقلة"، لكن الوضع في سوريا معاكس تماماً ولم ألتق بأي كوردي سوري يريد الاستقلال عن سوريا. 

رووداو: أحمد الشرع يعمل في اتجاه معاكس تماماً، منذ وصوله إلى السلطة، قراراته الجديدة تظهر أنه يريد سوريا مركزية جداً وأعلن صراحة أنه لا يريد الفيدرالية. مع هذا الوضع، إلى أين تتجه سوريا، خاصة وأنه منح نفسه السلطة الكاملة لمدة 5 سنوات؟

 بيتر غالبريث: يمكنك القول إن لديه السلطة الكاملة، لكن في الواقع ليس لديه أي سلطة في شمال شرق سوريا، كما أنه لا يملك سلطة كبيرة في السويداء، وفي الساحل، اللاذقية وطرطوس، تلك المجازر المروعة حدثت أيضاً. نعم، يمكنني أن أسمي نفسي أي شيء، لكن فعل الشيء في الواقع هو وضع مختلف. لذلك، يجب على الكورد الإصرار على عملية ديمقراطية، ليس أن يحدد الشرع مستقبل سوريا، بل أن يحدد الشعب السوري المستقبل من خلال الانتخابات والمجلس التأسيسي. يجب أن يكون على أساس التمثيل النسبي، ثم نرى ماذا ستكون النتيجة، ولكن عندما تصل إلى هناك، يجب على الناس احترام حقوق المكونات المختلفة. 

رووداو: دولتان جارتان لسوريا، تركيا وإسرائيل، لديهما آراء مختلفة حول سوريا.

 من الواضح أن تركيا تريد سوريا قوية ومركزية، لكن إسرائيل تريد العكس تماماً. برأيك، في النهاية أيهما سينتصر، أو من سيكون له تأثير أكبر في سوريا؟ 

بيتر غالبريث: كلا البلدين يحتلان جزءاً من سوريا، أجزاء مختلفة من سوريا، تركيا في الشمال، أو من خلال مجموعاتها الوكيلة، وإسرائيل في الجنوب الغربي. من الواضح أن لتركيا تأثيراً مباشراً على الشرع وهيئة تحرير الشام، لأنها تدعمهم. لكن بعض الناس يقولون، "إنهم يفعلون كل ما تريده تركيا"، لا، الأمر لا يسير بهذه الطريقة.

 عندما يصل الشرع إلى السلطة لن يتلقى الأوامر من أنقرة وقد تصبح تلك العلاقة متوترة جداً. من الواضح على الأقل بقدر ما نعلم لا توجد أي علاقة بين إسرائيل ودمشق. إذن، هو مجرد وجود هناك. في النهاية يجب أن يكون هناك نوع من مفاوضات السلام بينهم، ربما تكون هذه فرصة لاتفاق سلام، والذي بالطبع سيشمل انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي السورية وإقامة علاقات دبلوماسية. 

رووداو: من الناحية الستراتيجية، هل تعتقد أن سوريا في المستقبل ستتجه أكثر نحو تركيا أم الدول العربية؟ 

بيتر غالبريث: أعتقد أنه من الناحية الأيديولوجية والثقافية، ستكون سوريا أكثر مع الدول العربية، لكن تركيا الآن لديها قوة هناك بسبب دعمها المباشر وهي جارة كبيرة لدمشق. الدول العربية بعيدة، يوجد لبنان، لكن هذا البلد لا يستطيع فعل الكثير، الأردن بلد صغير، والعراق أيضاً لديه مشاكله الخاصة ولا يستطيع فعل الكثير في هذا الصدد. يبدو أن تركيا سيكون لها تأثير أكبر من الدول العربية. 

رووداو: بخصوص المفاوضات بين أميركا وإيران، هل تعتقد أنها ستنجح؟

 بيتر غالبريث: لا أعرف وليس لدي أي معلومات خاصة حول المفاوضات، لكنني آمل أن تنجح. أعتقد أن دونالد ترمب نفسه يريد عقد اتفاق مع إيران، هو يحب الاتفاقات وأعتقد أن هدفه، وهو نفس هدف إسرائيل أيضاً، والذي يولونه الأهمية القصوى، هو وقف أو تقليص برنامج إيران النووي، سواء كان ذلك صفر تخصيب أو كمية قليلة مثل 3.5%، وتدمير مخزون 60%. 

نتيجة كهذه ستجعل الاتفاق محتملاً. هذا يصب في مصلحة إيران إلى حد كبير، لأن المضي قدماً في صنع أسلحة نووية، أولاً لا يوفر أي أمن وهي أسلحة عديمة الفائدة، لأنها قاتلة لدرجة لا يمكن استخدامها في الحرب. ثانياً، محاولة الحصول عليها ستؤدي إلى هجوم عسكري من قبل إسرائيل وأميركا، إذن ما الفائدة؟ بتقليل أو إلغاء التخصيب، تخسر إيران القليل جداً.

 السؤال هو، ما هي المكاسب؟ الإيرانيون يريدون إنهاء العقوبات، وهو ما أعتقد أن ترمب سيقدمه. أعتقد أن ترمب والإيرانيين يرغبون في وجود استثمارات أميركية في البلاد، هذا يمكن أن يكون تغييراً كبيراً ومن الواضح أنه إذا كانت هناك استثمارات أميركية، فسيكون من الصعب على كلا الجانبين قطع علاقاتهما. الشيء الآخر الذي كان يمثل مشكلة في عام 2015 للاتفاق مع إيران ولم يعد موجوداً الآن، هو أنشطة إيران في المنطقة. حلفاء إيران مثل حزب الله في لبنان قد انهاروا، نظام الأسد لم يعد موجوداً، الآن سوريا يديرها إسلامي، هو أحمد الشرع، وهو ضد الشيعة وضد إيران، لأنهم دعموا الأسد، وهو أيضاً ضد روسيا.

 إذن، نفوذ إيران في سوريا يقترب من الصفر أو هو صفر بالفعل. في الوقت نفسه، الحوثيون يتعرضون للهجوم وليسوا بتلك الأهمية. المكان الوحيد الذي لايزال لإيران تأثير حقيقي عليه في المنطقة هو العراق، في الجزء العربي من العراق؛ ولكن بشكل عام، أنشطة إيران خارج إيران ليست المشكلة التي كانت موجودة في عام 2015. هذا يجب أن يجعل الاتفاق أسهل، لا تحتاج إيران للتنازل عن الكثير.

 رووداو: إسرائيل لا تريد هذا الاتفاق، إسرائيل تدافع أكثر عن مهاجمة إيران. هل تعتقد أن إسرائيل ستحاول إفشال أي نوع من الاتفاق بين أميركا وإيران؟ 

بيتر غالبريث: أعتقد أن هذه ستكون ستراتيجية غبية جداً لإسرائيل، لأن ترمب شخص يحمل الأحقاد وينتقم. إذا أفسد الإسرائيليون اتفاقاً سيصبح أكبر إنجاز دبلوماسي له، فلن ينظر إليه بعين الرضا وسيدفع نتنياهو والإسرائيليون الثمن. ثانياً، الاتفاق في مصلحة إسرائيل، يعني نعم يمكنك استخدام القوة العسكرية، لكن هذا لا يمنع دولة حقاً من الحصول على أسلحة نووية، قد يشجعها وعندها سيخفون الأمور، قد يفعلونها في بلد ثالث.

 إذن، إذا قررت الخيار العسكري، فهذا يعني أنه يجب عليك القصف باستمرار، يجب عليك إرسال قوات خاصة باستمرار، الأمر ليس كأن تفعله مرة واحدة وينتهي كل شيء. لذلك، فإن الحل السلمي مع المراقبة الدقيقة سيحقق نتيجة أفضل بكثير لإسرائيل وإيران مقارنة بالعمل العسكري.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2025 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن