سلط رئيس القطب الجزائي لمكافحة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال لدى محكمة جزائرية عقوبات متفاوتة ضد 20 متهماً بينهم سوريون لضلوعهم في فضيحة تزوير جوازات سفر جزائرية لسوريين.
عاد ملف تزوير وثائق الهوية لمصلحة رعايا أجانب ليثير الجدل والمخاوف في الجزائر، خصوصاً أن البلاد تواجه تحديات وتهديدات جراء الوضع الإقليمي المضطرب، إذ فتحت محكمة الدار البيضاء في العاصمة ملف شبكة غالب عناصرها يعملون في إدارات عمومية، متهمون بمنح جوازات سفر وبطاقات هوية لفائدة سوريين.
وبعدما عرفت الظاهرة تداولاً لافتاً خلال العشرية السوداء أو الأزمة الأمنية التي عرفتها البلاد في تسعينيات القرن الماضي، على اعتبار أن الوضع الفوضوي سمح بتسلل عناصر أجنبية داخل البلاد، ثم انتشار محدود أثناء حكم الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة مع سيطرة "العصابة" وتفشي الفساد بصورة واسعة، اهتزت وزارة الداخلية في الجزائر كما الشارع، على وقع فضيحة تزوير جوازات سفر وبطاقات تعريف لمصلحة رعايا سوريين مقيمين.
وسلط رئيس القطب الجزائي لمكافحة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، لدى المحكمة، عقوبات متفاوتة ضد 20 متهماً بينهم سوريون لضلوعهم في فضيحة التزوير، إذ جرت متابعتهم بجنحة إدخال من طريق الغش، مما يمثل إضراراً بهيئة عمومية وتكوين "جمعية أشرار" وإساءة استغلال الوظيفة.
وانطلقت وقائع القضية في أعقاب شكوى أمام أمن ولاية الجلفة وسط الجزائر، تقدم بها رئيس مصلحة الوثائق البيومترية بالبلدية، بعد اكتشافه صدور جوازات سفر وبطاقات تعريف من طريق التزوير لمصلحة أجانب لا يحملون الجنسية الجزائرية.
وبعد توجيه الاتهام في أول الأمر إلى موظف بالإدارة وأشخاص آخرين، باشرت السلطات المتخصصة التحقيق الذي كشف عن استفادة 13 شخصاً أجنبياً، منهم 12 طفلاً سورياً قاصراً من بطاقات هوية وجوازات سفر، بعد عمليات تزوير مختلف الوثائق المطلوبة لا سيما شهادات الجنسية وكذلك البصمات والأختام.
عمليات ثقيلة وخطرة
سبق "الفضيحة" عملية وصفت بالثقيلة عالجتها منذ أسبوعين المحكمة نفسها، وتتعلق باستخراج جوازات سفر مزورة لمصلحة مهاجرين غير شرعيين من جنسية جزائرية موجودين في بعض الدول الأوروبية مقابل مبالغ مالية قدرها 2800 دولار، واستُمع إلى 15 متهماً بينهم موظفون في إدارات عمومية توبعوا بتهم تكوين جمعية أشرار لغرض الإعداد لجنحة وقبول ميزة غير مستحقة من طرف موظف عمومي لاستغلال نفوذه الفعلي، بهدف الحصول من إدارة عمومية على منافع غير مستحقة، وإساءة استغلال الوظيفة، وإدخال من طريق الغش معطيات في نظام معالجة آلية إضراراً بهيئة عمومية، إلى جانب التزوير في وثائق سفر وثائق إدارية بغرض إثبات حق تسليم وثائق سفر شخص يعلم أن لا حق له فيها.
إلى ذلك وفي واحدة من أخطر العمليات، دانت محكمة سيدي بلعباس في غرب الجزائر، 50 مغربياً بالسجن بعد ثبوت تورطهم في تزوير الجنسية الجزائرية، بالتواطؤ مع أحد الموظفين بمصلحة الجنسية على مستوى الولاية الذي يعتبر المتهم الرئيس في القضية.
وصدرت أحكام بالحبس النافذ مدة ثلاثة أعوام وعامين، في حين برأت 10 مغاربة بينهم قاصران وامرأة، أما المتهم الرئيس فهو جزائري يعمل بمصلحة الجنسية، وعوقب بـ15 سنة سجناً نافذاً. وواجه المعنيون تهماً ثقيلة أبرزها التزوير والمشاركة في تزوير محررات رسمية، والغش في منظومة المعالجة الآلية للمعطيات، وتعديل بطريق الغش المعطيات التي تتضمنها، كذلك واجه المتهم الرئيس إضافة إلى ذلك جنحة سوء استغلال الوظيفة.
ماذا تخفي الظاهرة وراءها؟
في السياق قال المتخصص في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية عبدالرحيم أمغار إن عمليات تزوير الوثائق الرسمية بما فيها جوازات السفر وبطاقات الهوية تعانيها مختلف دول العالم لكنها تنتعش في البلدان التي تواجه ضعفاً في الرقمنة. وأكد في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن هذه الظاهرة باتت تجارة مربحة وعائداتها المالية ضخمة، مما يشجع الشبكات الإجرامية على اعتمادها لا سيما في الدول التي تسجل حركة كبيرة للمهاجرين واللاجئين مثل الجزائر التي أصبحت نشيطة في هذا المجال لاستقرار الأوضاع بها.