تشهد سوريا منذ سقوط النظام موجة متصاعدة من العنف الدموي والتصفية الممنهجة، مخلفة خلفها أعدادًا هائلة من القتلى والمفقودين الذين لا تزال أسرهم تنتظر إجابات حول مصيرهم.
في قلب هذه الأزمة المستمرة تبرز محافظة السويداء كمسرح لمأساة إنسانية فريدة من نوعها، حيث تحولت الاشتباكات الدامية وعمليات الإعدام الميداني إلى كابوس حقيقي خلف أكثر من 2048 قتيلًا، منهم 1592 من أبناء المحافظة، بينهم 817 مدنياً من الطائفة الدرزية، تعرضوا لعمليات إعدام ميدانية نفذتها عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية، إضافة إلى استهداف النساء والأطفال والكوادر الطبية، ما يعكس تصاعدًا خطيرًا في حجم الانتهاكات ضد المدنيين.كما أن الأعداد المتزايدة من المفقودين والمختطفين، والبالغ عددهم 516 مختطفًا من أبناء الطائفة الدرزية وحدها، بينهم 103 نساء، يشكلون جانبًا مأساويًا إضافيًا لهذه الأزمة، إذ لا تزال السلطات عاجزة أو غير راغبة في تقديم معلومات واضحة حول مصير هؤلاء، مما يعمق جراح المجتمعات المحلية ويزيد من هشاشتها في ظل استمرار النزاع.
إلى جانب ذلك، فقد تم توثيق أكثر من 63 مجزرة في مناطق الساحل السوري التي تضم محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة وحمص، حيث قتل آلاف المدنيين والعسكريين، وتسجيل سقوط مئات الضحايا بسبب الانتماء الطائفي، خصوصًا في اللاذقية التي سجلت 872 ضحية، وطرطوس بـ525 ضحية، وحماة بـ272 ضحية.وارتفع العدد الإجمالي للموثقين بالأسماء إلى 1682 ضحيةً من المدنيين الذين فارقوا الحياة نتيجة عمليات التصفية منذ اندلاع الهجمات ضد القوى الأمنية والعسكرية يوم الخميس 6 آذار وحتى 28 نيسان
وفي ظل هذا العنف المستشري، فقد ما لا يقل عن 1200 مواطن من الطائفة العلوية، تم اعتقالهم دون مذكرات توقيف أو إجراءات قانونية واضحة، وسط استمرار غياب المعلومات عن أماكن احتجازهم، وهو ما يضع أسرهم في حالة من الألم والانتظار القاتل.
تشير هذه الأرقام والتقارير إلى حجم الكارثة الإنسانية التي تعيشها سوريا، وما يتعرض له المدنيون من انتهاكات جسيمة تشمل القتل، والاختفاء القسري، والاعتقال التعسفي، ما يستدعي تدخلًا عاجلاً من المجتمع الدولي للضغط من أجل حماية المدنيين وضمان حقوقهم الأساسية، وإيقاف نزيف الدم الذي لم يتوقف منذ سنوات.
ولم يتوقف القتل على أساس طائفي إذ يسجل المرصد السوري بشكل شبه يومي ضحايا نتيجة سلوكيات انتقامية حيث وثق منذ مطلع العام 2025 أكثر من 1038 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، موزعين على عدة محافظات، أبرزها دمشق وريفها وحمص وحماة واللاذقية وحلب وطرطوس وإدلب والسويداء ودرعا ودير الزور.
وعلى ضوء هذه الجرائم والمجازر المرتكبة، وثق المرصد السوري 4402 ضحية بين مدنيين وعسكريين من ضمنهم مجازر الساحل والسويداء بالإضاف إلى 1716 شخصاً فقدوا خلال أحداث الساحل والسويداء من بينهم 103 سيدة درزية، في وقت لم تحقق اللجان التي كلفت بالتحقيق في هذه الجرائم الغاية المرجوة من تشكيلها ولايزال الجناة طلقاء.
ويؤكد المرصد السوري أن الصمت الدولي على هذه الانتهاكات يساهم في استمرارها، ويجدد دعوته للمنظمات الدولية، وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلى التحرك الفوري لوقف هذه الممارسات والكشف عن مصير المفقودين منهم والمختطفين.المصدر.. المرصد السوري