05A2EDD17376135DD5B5E7216D8C98DB
03 Jul
03Jul


 د.  محمد مرعي الخزاعي

 منذ انضمامها إلى معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية لعام 1968 والتي دخلت حيز التنفيذ في 5/3/1970Treaty on the Non-proliferation of Nuclear weapon (NPT) حافظت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على التزاماتها بالضوابط الدولية لتطوير الطاقة النووية السلمية، وجاء ذلك في أكثر من مناسبة على لسان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في ظل رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذريةInternational Atomic Energy Agency (IAEA)، إلا أن تسارع الاعتداءات المباشرة على منشآتها النووية - والتي تتُهم بها الولايات المتحدة وإسرائيل – بات يُعرِّي مصداقية النظام القانوني الدولي في المساواة بالتعامل بين دول منظمة الأمم المتحدة من خلال الكيل بمكيالين ، مكيال الدول الاعضاء في اتفاقية (NPT) الغير حائزة على السلاح النووي والخاضعة لنظام الرقابة الدولية ، ومكيال فتح الباب على مصراعيه للكيان الصهيوني بأنتاج السلاح النووي منذ عام 1952 وابداء كافة المساعدات اللازمة لذلك بالرغم من أن هذا الكيان لم يكن طرفاً في اتفاقية (NPT) .

ومن هنا يمكن طرح السؤال الأخطر : هل اقتربت إيران من فك ارتباطها بمعاهدة (NPT) ؟ وهل نحن على اعتاب انهيار ما تبقى من شرعية الأمم المتحدة في حفظ الامن الجماعي  ؟

  خروقات تضرب قلب المعاهدة : 

        على مدى العقدين الماضيين خضعت إيران لأكثر أنظمة التفتيش صرامة في العالم، ولكن ذلك لم يُحِلْ دون استهداف منشآتها النووية بهجمات سبرانية مثل (استكسنت STUXNET)  
- وهو أسم فايروس حاسوبي 
(worm)  خبيث ومعقد للغاية ، وهو من اوائل الاسلحة السيبرانية استخدمته أمريكا ضد مفاعل نطنز عام 2023 لتعطيل بنية تحتية نووية صمم خصيصاً لأستهداف انظمة التحكم في تشغيل  (SCADA)الصناعية اجهزة الطرد المركزي الخاصة بتخصيب اليورانيوم - وعمليات اغتيال لعلمائها ، التي كان افجعها ما حدث يوم الجمعة 13 حزيران 2025 بل وتفجيرات في منشآت خاضعة للضمانات الدولية ، كما جرى في نطنز واصفهان وفوردو ، هذه الاعتداءات - وإن لم تدان صراحة من المجتمع الدولي – تشكل انتهاكاً واضحاً لروح معاهدة(NPT) وللالتزامات التي يفترض أن تحمي الدول الأعضاء ، لا أن تترك عرضة للعدوان. 

هل انسحاب إيران من معاهدة (NPT) مبرر ؟  تنص المادة (10) من معاهدة عدم الانتشار النووي على أنه (يحق لأي طرف الانسحاب من الاتفاق إذ رأى أن "مصالحه العليا" مهددة) . 

ولا شك أن الهجمات على مواقع نووية سلمية ، تم الابلاغ عنها وخضعت للتفتيش ، يمثل تهديداً خطيراً ومباشراً لتلك المصالح. من هنا يبدو الحديث الإيراني المتكرر مؤخراً عن الأنسحاب من (NPT) ليس مجرد ورقة ضغط دبلوماسية بل خياراً تحميه نصوص الاتفاقية نفسها. 

    تهديد النظام الدولي :  إذا قررت إيران الانسحاب من (NPT) ، فإن ذلك لن يكون حدثاً عابراً في السياسة النووية، بل زلزالاً قانونياً يضرب أحد أهم أركان الأمن الجماعي منذ الحرب الباردة ، فقد يُغري هذا الإنسحاب دولاً أخرى في المنطقة مثل (تركيا ومصر) باتخاذ مسارات نووية منفردة ، خاصة في ظل الغموض الذي يلف المظلة الدولية ، وعجز الأمم المتحدة عن ضمان الحماية للطرف الملتزم بالقانون. الأمم المتحدة عجز يعادل الفشل ربما تكون هذه اللحظات اختباراً لهيبة الأمم المتحدة كضامن للسلم والأمن الدوليين، 

فإن تُهاجَمْ دولة تحت تفتيش الأمم المتحدة ولا تتلقى حماية أو حتى إدانة رسمية للعدوان ، فهذا تقصير يتجاوز البعد القانوني ليدخل دائرة التواطؤ الصامت.

    النظام الدولي يحتضر  

  أن انسحاب إيران المحتمل من (NPT) لا يهدد فقط نظام عدم الانتشار النووي ، بل يشكل مسماراً جديداً في نعش النظام الدولي القائم وانهياراً لمنظمة الأمم المتحدة ، ويُعيد التأكيد على أن القانون بلا قوة ، ليس أكثر من حبر على ورق . 

وإذا بقيت معايير " القانون  الدولي" تطبق بانتقائية ، فإن أنهياره مسألة وقت لا أكثر . ونذكر بأن أسباب الانهيار هي ذاتها التي أدت وأودت إلى انهيار النظام الدولي السابق الذي نظمته معاهدة (عصبة الأمم) بعد الحرب العالمية الأولى.      

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2025 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن