حسين العادلي
• الإقطاع السياسي في (الأنظمة الشمولية والدكتاتورية والمتشَّخصنة)، هو: قوة التّحكم الحزبي/النخبوي/الشَّخصي، بثلاثي: الإرادة العامة/سلطة الحكم/ثروة البلاد، إستناداً إلى (غلبة القوة)، وإلى (أوهام الأيديولوجية)، وإلى (الثورية الزائفة)، لهدف (امتلاك) الدولة واحتكارها وتأميمها بالكامل كإقطاعية سياسية خاصة وخالصة للحاكم. (كما في نظام/إقطاعية البعث قبل 2003م).
• الإقطاع السياسي في الأنظمة التّوافقية المكوّناتية (كما بعد 2003م)، هو: قوة الهيمنة النخبوية/الحزبية، الإثنية الطائفية، لتقاسم الدولة كإقطاعيات نفوذ (سياسي/اقتصادي/سيادي) على وفق أسس المكوّنات/الشراكة/المحاصصة. يقوم هذا الإقطاع على فكرتي (الإحتكار والتبعية)، إحتكار تمثيل مكوّنات/مجتمعيات الدولة (الإثنية الطائفية) من قبل قوى سياسية تطرح نفسها (كممثل) عن هويات ومصالح هذه المجتمعيات،.. لينتج عن مبدأ الإحتكار هذا مبدأ (التبعية)، إذ توهم هذه القوى السياسية مجتمعيات الدولة بوحدة وجودهما وهويتهما ومصالحهما، فتطلب التبعية لرؤاها وسياساتها بالتبع، باعتبارها المعبّر والمدافع والمحقق لهوية ومصالح المجتمعيات الفرعية في الدولة.
• يعتمد (الإقطاع المكوّناتي الحزبي) على (مبدأ الدمج) بين ما هو (سياسي ومجتمعي وتمثيلي)، فهو حين يطرح نفسه (ممثلاً للمكوّن الإجتماعي) في التعبير عن هويته ومصالحه فإنه سيكون هو المستفيد من (نظام التمثيل) في الدولة التوافقية القائمة على فكرة (تمثيل المكوّنات)، وسيتمكن من خلال (نظام الدمج) هذا من (امتلاك) السلطة والثروة وتأسيس إقطاعيته من خلال نظام التمثيل فالمحاصصة فالإبتلاع للمجتمعات والسلطات.
• يُنتج الإقطاع السياسي المكوّناتي سلسلة من الإبتلاعات للدولة، فهو يؤدي:(أولاً) إلى ابتلاع السلطات الفرعية لسلطة الدولة، فالدولة لديه سلطات تتوزعها إقطاعيات سياسية تمثل مصالح حصرية لمجتمعيات (عرقية طائفية) ضمن الدولة.(ثانياً) يؤدي لابتلاع (أمّة الدولة) لصالح المجتمعيات/الهويات الفرعية، ويصيّرها إلى (محميات مجتمعية) منقسمة على نفسها بالهوية والمصلحة.(ثالثاً) يؤدي إلى ابتلاع الطوائف والأعراق من قبل قوى الإقطاعيات السياسية من خلال اختزال الطائفة والإثنية بشخص أو نخبة أو حزب يدعي تمثيل هوية ومصالح التابعين له،.. فتتعاظم من خلال هذه (الإبتلاعات) الإقطاعيات الحزبية والنخبوية وتتراكم وتتراص لتشكّل امبراطوريات سياسية ومالية ونفوذية ممتدة ومستوطنة بجسد الدولة.
• الإقطاع السياسي التّوافقي المكوّناتي (يشتغل) سياسياً ومجتمعياً على (التضاد) وليس على (التكامل)، فكل اقطاعية تسعى الى (خلق أنساق تضاد/خطاب وسلوك سياسي) بينها وبين الإقطاعيات الأخرى لضمان بقاء نفوذها القائم على فكرتي: (احتكار التمثيل) و(ضمان تبعية) الطوائف والأعراق لها. لذا فإنّ النظام المكوّناتي هو نظام الإقطاعات السياسية المتضادة والحريصة على التضاد لضمان مصالحها. وهو بعد، نظام يعتاش على (حصاد تمثيل المكونات).
• الإقطاع التّوافقي المكوّناتي (عائق) لجوهر مواطنية المواطن، و(حاجز) أمام تفعيل حقوقه في التمثيل والمشاركة والثروة وإدارة الشأن العام، وهو (يقزّم) المواطن الى فرد ضمن إقطاعيات المكوّنات، فيستشعر هويته الفرعية على حساب كونه (وحدة سياسية وحقوقية تامة في الدولة)، فيحيله من مواطن دولة إلى فرد طائفة وإثنية موهوم ومتوهم بنظام الحماية والمصالح التي تأمّنها الإقطاعيات السياسية، وبالنتيجة يحسره عن (تفعيل) كامل مواطنيته بالدولة. إنّ ضعف الإنتماء والولاء والمشاركة الوطنية ناتج طبيعي عن (هيمنة الإقطاعيات السياسية المكوّناتية) على الضمير والدور والفاعلية للمواطنين.
• المواطنة كانتماء عضوي، والمواطنية كولاء وفاعلية، والديمقراطية كنظام تمثيل ومشاركة ومساءلة، والحقوق والحريات كأساس، والتعايش كمشترك ضامن للقبول باستحقاق تنوع الهويات، والحكم الكفوء الفعّال، والتنمية العادلة.. لهي المعايير المنتجة لدولة الإنسان على حساب دولة السلطان، ولدولة المواطن على حساب دولة المكوّن، ولدولة الجمهور على حساب دولة الإقطاع.