05A2EDD17376135DD5B5E7216D8C98DB
28 May
28May


د. محمد القريشي
اعجب صديق بمقالة صدرت لي، وصار يتابع بنشاط ما اكتب، وبعد وقفة قصيرة عن الكتابة اتصل بي، مقترحا ان أتناول موضوعا يراه مهما من وجهة نظره. وافقت، حينها ، ولكنني رغم ذلك، لم أوفق في تجاوز حاجز التأمل في الموضوع المطلوب مناقشته، ولم أمض قدما في الأمر . 

ويعود سبب ذلك،  إلى كون الكتابة "بالنسبة لي"، تنتج  عن لحظة وجدانية تهيمن على المرء بالتضامن مع   الضرورة او الظروف  التي تفرضها اللحظة. كتب فراس حج محمد، واصفا جنون الفكرة ولحظتها (ثمة كتابة "تحوسُ" في ذاكرتي، تضغط عليّ بقوة، وتدق جدران جمجمتي، أحاول طردها أو تأجيلها، فتصرخ بي ويشتد جنونها، فأخضع لها فأبدأ بالكتابة دون انقطاع، كأن وحيا ما يلقنني الأفكار. 

هنا أبدو مهجوسًا جدًا ومريضًا بجنون..،،).وفي مجال نقده للرواية  العظيمة "رحلة في أقاصي الليل"، Voyage au bout de la nuitالتي فاجأ بها الكاتب  سيلين الأوساط  الأدبية الفرنسية و العالمية، والتي تتعارض عظمتها مع "وضاعة" مبادئ الكاتب نفسه المساند لهتلر، ذكر  الرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي "بان العمل العظيم، غالبا ما ينتج عن لحظات عظيمة يمر بها الكاتب وليس بالضرورة ان يكون الكاتب نفسه عظيما" (انتهى).ولهذا يمثل النص ، ابناً طبيعيا للحرية التي يشعر بها الفرد وعظمة  اللحظات (او جنونها) التي تهيمن عليه والتي تكون عاكسة في كثير من  الاحيان لحاجات بيئته التي يستشعرها.  

واستنادا إلى ذلك، تكون عمليات  "الكتابة بالجملة" او  "الكتابة حسب الطلب"، غريبة على هذا النمط الذي نصفه الان،  لانها أقرب في هذه الحالة، إلى "الصناعة الممنهجة" منه إلى "اللحظة العظيمة المُهيمِنَةْ"! "الفكرة الصادقة" تتحرر من عقل صاحبها وتفرض  وجودها على الورق، عندما يرتفع منسوب الحرية إلى أقصاه، في "لحظة عظمة معينة" تتلاقى فيها الظروف التي ولدت الفكرة مع مؤازرة   الكاتب لعملية التحرير.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2025 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن