د. محمد مرعي الخزاعي
مصير وقف اطلاق النار الهش بين ايران واسرائيل هناك هدوء نسبي أو "هدنة محسوبة" بعد الضربة الإيرانية الأخيرة والرد الاسرائيلي المحدود، لكن النية الحقيقية لدى الطرفين ليست نحو السلام، بل لأعادة التموضع والاستعداد، إضافة إلى وقف اطلاق النار لا يستند إلى اتفاق رسمي بل إلى توازن ردع مؤقت سعت إليه الولايات المتحدة الأمريكية للحفاظ على هيبة سلاحها في المنطقة والذي طالما أغرت به المطبعين لحفظ أمنهم. ما قد يفجر الجولة المقبلة استهداف شخصيات عسكرية رفيعة (مثلا قادة في فيلق القدس أو الموساد) أو شخصيات سياسية مهمة لدى الطرفين ، وأكثر المستهدفين السيد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في الطرف الإيراني ونتنياهو في الطرف الاسرائيلي.
ضربة مفاجئة اسرائيلية على منشآت نووية أو مصانع طائرات مسيرة أو مصانع ومواقع الصواريخ الفرط صوتية أو البالستية .
هجوم واسع من حزب الله أو الحوثيين ضمن محور الرد المشترك ، لذا فوقف اطلاق النار "مؤقت" وقابل للأنهيار في أي لحظة بحدث واحد خاطف .
موازنة المصالح بين الحرب وتجنبها اسرائيل تفكر كالتالي : مع الحرب : فرصة لتوجيه ضربة مؤلمة لأيران ومنعها من الوصول للقنبلة النووية .
توجيه الرأي العام الاسرائيلي إلى الخطر الخارجي وتجاوز اخفاقات غزة .
ضد الحرب : حرب مع إيران تعني اندلاع نار متعددة الجبهات (حزب الله ، حماس ، الحوثيين ، الفصائل المقاومة في العراق وسوريا) .
الداخل الاسرائيلي متعب سياسياً واقتصادياً ونفسياً ولا يتحمل حرب استنزاف طويلة إيران تفكر كالتالي : مع الحرب : استعراض القوة أمام الداخل والجمهور الشيعي في المنطقة ودول الخليج . نقل المعركة خارج الأراضي الإيرانية عبر الوكلاء .
ضد الحرب : الحفاظ على مكاسب رفع تخصيب اليورانيوم دون التورط في حرب تدميرية. تجنب استهداف منشآتها النووية وتفادي انهيار اقتصادي شامل.
التحالفات المتوقعة في الحرب المقبلة : محور إيران (محور المقاومة) إيران (القيادة والتمويل والتخطيط) حزب الله (القوة الأكثر جاهزية للميدان) الحوثيون (الهجمات البحرية والصواريخ بعيدة المدى المقاومون في العراق وسوريا (لدعم الجبهات الجانبية) .
ربما دعم روسي وصيني وباكستاني وكوري شمالي (سياسي او استخباراتي) محور اسرائيل (محور الهجوم المباغت) : الولايات المتحدة (دعم لوجستي ، معلوماتي ، ربما تدخل جوي محدود أو مكثف عند رجحان كفة إيران) . دول الخليج (سراً) تنسيق أمني واستخباراتي، خصوصاً الإمارات والبحرين .
أذربيجان وكردستان العراق : ممكن أن تكون أراضي لعبور عمليات أو قواعد تجسس.
أهداف الحرب المقبلة : أهداف اسرائيل : اضعاف النظام الإيراني ومحاولة تغييره .
تدمير أو تعطيل البرنامج النووي الإيراني بعد فشل تدميره أو شله بالكامل .
تفكيك بنية محور المقاومة (حزب الله ، حماس الحوثيين) . تغيير المعادلة الأمنية في سوريا والعراق .
أهداف إيران : اثبات قدرتها على الرد في العمق الاسرائيلي .
حماية برنامجها النووي وردع أي هجوم . تعزيز زعامتها لمحور المقاومة وجمهورها الداخلي .
تحقيق انسحاب أمريكي جزئي أو كلي من الشرق الأوسط .
زعزعة الثقة بين دول الخليج (المطبعة) واسرائيل في تأمين حمايتها .
ممكن أن تتطور الاهداف الإيرانية لتتعدى كلما ذكر أعلاه (حرب عقائدية) .
سيناريوهات التحالفات المتغيرة :
تركيا : تلعب دوراً متأرجحا بين التهدئة وتوظيف النزاع .
الصين وروسيا : تفضلان عدم دخول حرب مباشرة لكنهما تدعمان إيران بطرق غير عسكرية أو لوجستية محدودة .
باكستان وكوريا الشمالية وفنزويلا : دعم لوجستي وسياسي وربما مشاركة فعلية (مستترة) غير علنية .
أوربا: عاجزة عن الفعل المباشر وقد تلعب دور الوسيط لاحقاً، عدا الدول المتحالفة (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) التي تقدم الدعم اللوجستي والسياسي وقد تتدخل عند اختلال التوازن لصالح إيران.
التقدير الاستراتيجي : وقت الدبلوماسية أنتهى ولكنه لم يمت .
كل الاطراف تستعد لحرب كبرى ، لكنها لا تريدها الآن ما لم تقع حادثة استراتيجية .
بعد هذه الاستعدادات إذا اندلعت حرب مباشرة بين إيران واسرائيل فلن تكون محدودة، بل ستتحول إلى صراع إقليمي واسع متعدد الجبهات.