د. محمد مرعي الخزاعي
إن الصحة المجتمعية هي : "مجمل العوامل والبرامج والسياسات التي تحافظ على صحة الافراد في سباقهم الاجتماعي والجماعي، وتعمل على وقاية المجتمع من الأوبئة ، وتعزيز التماسك الصحي والسكاني" وأن زيارة الأربعين كظاهرة مجتمعية تمثل التجمع البشري السنوي الأضخم في العالم (ما يزيد على 20 مليون زائر في بعض السنوات) وهي حدث عابر للحدود والطوائف ، يجمع اناساً من أكثر من 60 جنسية ، يمارس فيه المشي الجماعي لمسافات تصل إلى مئات الكيلومترات (من البصرة إلى كربلاء ، من خارج الحدود إلى كربلاء).
وللزيارة أبعاد في الصحة المجتمعية تتمثل بـ : الوقاية الجماعية من الأوبئة : إذ لم يلاحظ على مدى سنين طوال انتشار وباء أو مرض معدي بين زوار الأربعين خلال الزيارة ، وذلك نتيجة للجهود الشعبية الضخمة لتوفير :
مياه الشرب النقية .
الطعام الآمن
الصرف الصحي المؤقت .
التوعية الصحية المباشرة من خلال الملصقات والمنشورات. وهناك دور مميز للمواكب الحسينية الخدمية ، حيث باتت تؤدي دوراً شبيهاً
بـ "العيادات المتنقلة" عبر توزيع الكمامات ، والمعقمات ، وتوفير أدوية أولية. الصحة النفسية والتكافل الاجتماعي :
فالزيارة تعزز :
الروح المعنوية التي تبرزها الشعائر المشتركة.
الانتماء والهوية .
كسر العزلة النفسية التي يعاني منها بعض الافراد خصوصاً ممن فقدوا ذويهم واحبتهم. ويصح القول "ان الدعم الروحي والديني يعد من أهم عوامل تحسين المناعة النفسية والسلوكية"
نموذج نادر للتنظيم الصحي الشعبي (غير الحكومي) ، حيث أكثر من70% من الخدمات الصحية تقدمها مبادرات أهلية تطوعية من (أطباء ، وصيادلة ، وطلاب الطب ، وكوادر طبية وسطية ، ومواطنون متطوعون من شتى شرائع المجتمع) هذه التجربة تعد نموذجاً تطبيقياً لما يسمى "الرعاية الصحية المجتمعية المدفوعة بالإيمان والدافع الاخلاقي".
التحديات الصحية الكبيرة :
إن الزحام الشديد في الزيارة يرفع احتمالات :
انتشار الأمراض التنفسية (كالإنفلونزا والكورونا)
الحوادث الناتجة من السير الطويل .
الاجهاد الحراري والجفاف .
تلوث الغذاء والماء .
ومن فقه الزيارة :
قول الإمام الحسين 8 : " كونوا أحراراً في دنياكم" والحرية هنا لا تكتمل دون صحة الجسد والعقل.
ومن فتاوى سماحة السيد المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني K :
" الزائر يجب ان يلتزم بالإجراءات الصحية لأنها واجب شرعي تحت عنوان حفظ النفس وحفظ الآخرين" .