05A2EDD17376135DD5B5E7216D8C98DB
24 Jun
24Jun


ربما خمدت المدافع، أو توارت مؤقتًا خلف بيانات "التهدئة" و"ضبط النفس"، لكن الحقيقة أن الحرب لم تنتهِ. فما دامت النيران قد توقفت، فإن جمر الصراع لا يزال تحت الرماد، قابلًا للاشتعال في أية لحظة. 

فهذه ليست نهاية، بل استراحة بين جولتين، أو بداية لسؤال أكبر: من ربح؟ ومن خسر؟ وبأي ثمن؟والى أين ستؤول النتائج؟إيران: النظام باقٍ… 

خرجت إيران لتعلن النصر، لكنها خرجت مثقلة بتكاليفه. 

نعم، لم يسقط النظام، ولم تُهزم مؤسساته، لكن تلك الهيبة التي بنتها على مدى سنوات من الخطاب المقاوم والتوسّع الإقليمي تلقّت ضربات مؤلمة.

الرد لم يكن بمستوى التهديد، والخسائر الداخلية فاقت التقديرات، والشعب، الذي طالما صبر تحت العقوبات والحصار، سيبدأ بالسؤال : من أجل ماذا؟ وإلى أين؟اما إسرائيل: فغرورٌ جُرح… ومبادرةٌ تراجعتوهي ليست أفضل حالًا. صحيح أنها لم تُهزم عسكريًا، لكنها فشلت في إظهار التفوق الذي طالما تغنّت به. 

للمرة الأولى، تُضرب مراكزها الحيوية، ويهرب مستوطنيها إلى الملاجئ، وتُصاب بنيتها النفسية والسياسية في عمقها. 

انتقلت من موقع الهجوم إلى الدفاع، ومن مشروع فرض الشروط إلى مشروع تفادي المفاجآت.

إنها ضربة في "الوعي الإسرائيلي"، حتى لو لم تُسقط طائرات ولا دبابات.

الولايات المتحدة: كالعادة… تربح من معركة غيرها،واللاعب الأذكى كان كعادته خارج الميدان.

 لم تُسفك لها دماء، ولم تنهكها السماء. أمريكا ربحت بالضغط، وربحت بإدارة الصراع، وربما ربحت بإعادة رسم معادلات النفوذ والولاء في الشرق الأوسط.هي التي تحدد سقف التصعيد، وتفتح أو تُغلق أبواب المفاوضات، وتُبقي خيوط اللعبة في يدها، ولو من خلف الستار.

وعلى الجانب الآخر ،لم يكن الصمت الروسي الصيني هذه المرة حكمة بقدر ما كان انكشافًا. كلا القوتين الكبيرتين بدتا عاجزتين عن الفعل أو التأثير. فبينما تشتعل المنطقة في واحدة من أخطر لحظاتها، غاب عنهما الصوت والموقف، إلا في بيانات رمادية لا تُقدّم ولا تُؤخّر،ربما أرادتا الحياد، وربما اختارتا "الانتظار"، لكن النتيجة واحدة: غياب القوة حين تحتاجها المعادلة.وفي ظل هذا المشهد، تبدو الصورة صارخة: لا أحد يقود العالم. لا نظام عالمي حقيقي، ولا توازن رادع، ولا عدالة قابلة للصمود.

 الجميع يكتفي بدور اللاعب حين تحترق أرض غيره، ثم يلبس ثوب الحكيم حين تهدأ النار.أما الضحايا، فهم على الأغلب من هذه المنطقة التي لا تزال تدفع الثمن، لا لأنها ضعيفة فقط، بل لأنها أيضًا مُستهلكة في حروب الوكالة، ومُغيَّبة عن طاولة القرار.

ويبقى السؤال المركزي ؛هل انتهت الحرب؟ربما انتهت الجولة، لكن الأسئلة الآن تبدأ.

من سيعيد إعمار الوعي قبل الحجر؟ من سيكتب السردية الجديدة للمنطقة؟ ومن سيجرؤ على قول الحقيقة وسط هذا الركام؟

ربما كان الجواب الأوضح: في الحروب الحديثة، لا منتصر حقيقي… سوى من يتقن تدوير الخراب.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2025 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن