د. سلمان الجميلي
وإن كانت مدافع الحرب قد سكتت، إلا أن الصراع لا يزال ، وسيبقى ،مستمرًا ما لم تُعالَج جذوره العميقة.
فالحرب بين إسرائيل وإيران لم تكن مجرد مواجهة عسكرية محدودة، بل زلزالًا استراتيجيًا سيُعيد رسم خرائط النفوذ في الشرق الأوسط، ويخلط أوراق التحالفات، ويضع الهويات والكيانات السياسية أمام اختبار وجودي بالغ الخطورة.
هذه الحرب لم تكن شأنًا بين طرفين فحسب، بل معركة تتجاوز حدود الجغرافيا، وتطرق أبواب الجميع بلا استثناء.
وفي ظل هذا المشهد المضطرب، ينبغي أن يكون صوت العقل أكثر حضورًا ووضوحًا: لا لانهيارٍ مذلٍ لإيران يفتح الباب أمام تغوّلٍ إسرائيلي بلا حدود، ولا لهيمنةٍ إسرائيلية مطلقة قد تعيد إنتاج استعمار بثوب حديث وأدوات معاصرة.
المنطقة لا تحتمل فراغ القوة ولا احتكارها. ما هو مطلوب حقًا هو توازن قوى حقيقي، يوقف نزعات الهيمنة من أي طرف، ويعيد ضبط المشهد الإقليمي لصالح استقرار الشعوب، ويمهد الطريق أمام حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، باعتبارها جوهر الصراع في المنطقة.أما العراق، فهو في قلب هذه العاصفة الجيوسياسية؛ بلد أنهكته عقود من الحروب، والتدخلات، والارتهان للخارج.
واليوم، يقف أمام خيار مصيري: إما أن يبقى رهينة للمحاور المتصارعة، أو أن يبدأ مشروعًا وطنيًا حقيقيًا، عابرًا للطوائف والمذاهب، يستعيد من خلاله سيادة الدولة، ويُخرج المجتمع من دوامة الطائفية والتبعية