26 Nov
26Nov


يتداول كثير من وسائل الإعلام والمواقع الاجتماعية  عبارة "بغداد الأكثر تلوثاً في العالم " وتتكرر عادةً في أيام "الاختناق جوي" وتظهر على الشاشات كما لو أنّها حكم نهائي على مدينة تعيش بين الغبار والدخان، الحقيقة أنَّ بغداد تتعرّض لذروة خانقة عندما يحدث الانقلاب الحراري وتخفت حركة الرياح إلى حدود تقل عن 5 كيلومترات في الساعة  في تلك اللحظة يهبط الهواء البارد قرب الأرض ويصعد الدافئ فوقه ثم تتكوّن طبقة ساكنة تحبس الملوثات داخل المدينة كأنها غرفة مغلقة لا نافذة لها.


الأرقام التي تُسجّل خلال هذه الساعات ترتفع سريعاً، فيبدو المشهد قاتماً وتتصدر بغداد القوائم اليومية في مواقع قياس التلوث.  

يحدث هذا لأنَّ كلَّ ما في المدينة من مصادر انبعاث يصبح بلا منفذ: عوادم السيارات والمولدات، محارق غير نظامية ومعامل تحيط بالعاصمة من جهاتها كلِّها…. تتشابك هذه المسببات لتُنتج سحابةً كثيفة تستقر فوق البيوت وتمنح بغداد صورتها الرمادية.


ولكن، هل ذلك يجعل بغداد الأكثر تلوثاً ؟  المدن تُقاس بمعدلاتها العامة السنوية،  لا بمشهدها في ساعة انقلابٍ جوي، هناك مدن حول العالم تعيش هذا المستوى من التلوث يومياً،  في حين تعود بغداد إلى نطاق أقل توتراً بمجرد أن تتحرك الرياح ويبدأ الهواء بالحركة الطبيعية من جديد.


القصة ليست إنكاراً للمشكلة، وإنّما قراءة منصفة لها،  فالعاصمة تحتاج إلى تنظيم بيئي حقيقي وإلى تخطيط يخفف عبء الملوثات بكل أحوال حركة الهواء أو سكونه. وما يُقال عن بغداد في لحظة استثنائية هو ظلم لا يختصر واقعها ولا يصف مستقبلها.

هكذا تُروى الحقيقة … وهكذا تُورد الابل.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2025 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن