حين تتعرض إيران لعدوان خارجي، تنبعث من أعماق الوعي الجمعي الإيراني استجابةٌ تتجاوز الانقسام السياسي والمواقف من النظام.
إنها لحظة فارقة تستيقظ فيها السيكولوجيا الوطنية العميقة لهذا الشعب، فتتقدم الدولة/الوطن على الحكم/النظام، وتنحسر الخلافات الأيديولوجية لصالح الدفاع عن الكيان الجغرافي والسيادي لإيران، مهما كانت هوية السلطة القائمة.
هذا ما عبر عنه المفكر الإصلاحي الدكتور صادق زيباكلام بوضوح، حين تساءل بحرقة: كيف يمكن لي أن أنضم إلى العدو في هذه اللحظة؟ رغم كل ما قاله وكتبه في نقد النظام. لقد رسم خطاً واضحاً بين المعارضة الداخلية المسؤولة وبين التحالف مع العدو الخارجي، مستدعياً التجربة المريرة لانضمام مجاهدي خلق إلى صدام، في مقارنة كاشفة عن ثبات مبدأ السيادة.
وفي السياق ذاته، جاء بيان حزب توده إيران، الذي أدان بشدة العدوان الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية، رغم موقف الحزب المعارض للنظام، ليؤكد أن القضايا الوطنية الكبرى لا تُقاس بمنطق الخصومة السياسية. لم يتردد حزب تودة في رفض التعاون مع قوى العدوان، معتبراً أن أي تدخل عسكري أجنبي هو انتهاك لإرادة الشعب الإيراني وسيادته الوطنية.
إن جوهر الموقف الوطني الذي يشترك فيه زيباكلام وتوده وآلاف المثقفين والمعارضين الإيرانيين، يضع الكرامة الوطنية فوق الاعتبارات التكتيكية، ويرفض مقايضة التحرر الداخلي بالارتهان الخارجي.
وهذا هو لب سيكولوجيا شعب خَبر الاحتلال، وواجه الغزو، ونجا من المؤامرات، فصار يرى في كل اعتداء خارجي تهديداً لوجوده الجمعي، لا لحكومته فحسب.