بقلم: غنى شريف – إعلامية لبنانية
إلى أبناء المكوّن الشيعي في العراق...
الانتخابات النيابية القادمة ليست مجرد حدث عابر، بل لحظة مصيرية ستُحدد مستقبل الدولة، وشكل تمثيلكم السياسي، ومكانكم في خارطة القرار الوطني. هذه الانتخابات تختلف عن سابقاتها، فهي اختبار لإرادتكم، ولقدرتكم على الحفاظ على حضوركم ودوركم في وطنكم.
تغييب منظّم… باسم الإحباط
ما يُحاك اليوم ليس مجرد عزوف عفوي، بل تغييب ناعم ومدروس. هناك من يسعى – بشكل مباشر أو غير مباشر – لتقليص حجم مشاركتكم، عبر بثّ الشعور باليأس، والترويج لفكرة أن "لا شيء سيتغير"، أو أن "الصندوق لا يُجدي".
لكن الحقيقة أن هذه الحملات لا تستهدف إلا جمهوركم تحديدًا، لأنهم يعرفون أنكم الثقل الذي إن حضر، غيّر المعادلة، وإن غاب، فُرغت الساحة لمن لا يُمثلكم.
الفتنة تبدأ عندما تنسحبون
أخطر ما يمكن أن يواجه العراق اليوم، هو أن تتركوا الساحة لغيركم. الفتنة لا تبدأ بشعارات نارية، بل تبدأ حين يُقصى الناس عن خياراتهم، ويفقدون ثقتهم بصوتهم.
حين تنسحبون، يُفسح المجال لأجندات لا تعبّر عنكم. ويعلو صوت مَن لا يحمل همومكم، ولا يحفظ تضحياتكم، ولا يمثّل تطلعاتكم.
المقاطعة ليست مقاومة... بل فرصة للفاسدين
في ظرف كالذي يعيشه العراق، الامتناع عن التصويت لا يُعد احتجاجًا، بل تسليمًا طوعيًا بالفراغ. الفاسدون لا يُزعجهم أن تقاطعوا، بل يرحبون بغيابكم. كل صوت شيعي لا يُدلي بصوته، يُمنح عمليًا لمَن لا يمثّل هذه البيئة.
التغيير الحقيقي لا يصنعه الانكفاء، بل المشاركة الواعية، واختيار الأصلح، ومحاسبة المسيئين عبر الصندوق.
وحدتكم السياسية رأس مالكملا يكفي أن تُشاركوا، بل يجب أن تُنسّقوا، وأن تُوحّدوا صفوفكم.
الانقسام داخل المكوّن الشيعي يُضعفكم أكثر مما تتصورون، ويمنح الآخرين فرصة لتشكيل تحالفات على حسابكم.
الوحدة لا تعني الغاء التنوّع، بل تعني الاتفاق على الثوابت، والتمثيل الحقيقي، والدفاع عن المصالح المشتركة دون تنازل أو تبعية.
النساء والشباب... الصوت القوي الصامتأنتم، النساء والشباب، لستم خارج المعادلة، بل أنتم القوة التي يمكنها قلب النتائج.
آن الأوان لأن يكون لكم دور فاعل، لا مجرد دور رمزي.
لا تسمحوا لأحد أن يُقنعكم بأن أصواتكم لا تهمّ، أو أن لا مكان لكم في القرار.
صوتكم هو الأمل، ومشاركتكم هي بداية التغيير.
رسالة من القلبمن تجربة لبنان، أقولها لكم بصدق: لا تسلّموا تمثيلكم لمن لا يشبهكم.
لا تتركوا الساحة فارغة، فيُملأ الفراغ على حسابكم. وجودكم في يوم الانتخابات هو إعلان رفض، وإثبات حق، وموقف شجاع.
العراق لا يُبنى بالمقاطعة، بل بالحضور. وأنتم، أبناء المكوّن الشيعي، كنتم دائمًا في قلب المشهد. فلا تدعوا أحدًا يُقصيكم... أو يُقنعكم أن لا جدوى من صوتكم.
التراجع ليس قدرًا. بل قرار. وقراركم اليوم هو من يصنع العراق غدًا.