دعاء جلال العزاوي
يمثل العمل التطوعي ومنظمات المجتمع المدني ركيزة أساسية في دعم التنمية وبناء المجتمعات من خلال المبادرات الإنسانية والخدمية التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتعزيز التماسك الاجتماعي. غير أن هذا الدور الإيجابي بدأ يشهد انحرافاً في بعض السياقات حيث يتم استغلال هذه المنظمات كأدوات للدعاية الانتخابية أو كقنوات غير مباشرة لحصد الأصوات تحت غطاء العمل الخيري أو الاجتماعي ما يثير تساؤلات جدية حول التسييس الممنهج للعمل المدني.
أولاً: الدور الحقيقي لمنظمات المجتمع المدنيتُعنى منظمات المجتمع المدني بالعمل غير الربحي لخدمة الفئات الضعيفة وتمكين المواطنين وهي تلعب أدواراً جوهرية في مجالات مثل التعليم ، الصحة ، البيئة، وحقوق الإنسان. وغالباً ما تقوم على مبادئ الاستقلالية والشفافية وعدم الانحياز السياسي لضمان نزاهتها ومصداقيتها.
ثانياً: العمل التطوعي كقيمة إنسانيةالعمل التطوعي هو فعل نابع من الإحساس بالمسؤولية المجتمعية وغالباً ما ينفذه أفراد أو مجموعات دون مقابل مادي بهدف مساعدة الآخرين أو المساهمة في التنمية المحلية. هذه القيمة النبيلة تتعرض أحياناً للتشويه حينما يتم توظيفها لخدمة أجندات انتخابية أو حزبية.
ثالثاً: زج العمل المدني في الدعاية السياسيةفي مواسم الانتخابات تسعى بعض الجهات السياسية إلى استغلال منظمات المجتمع المدني كواجهة لكسب الدعم الشعبي. وقد يظهر ذلك من خلال:
توزيع مساعدات باسم مرشح معين.تنظيم فعاليات ظاهرها خيري وباطنها ترويجي.تقديم خدمات مجتمعية مشروطة بالولاء الانتخابي.استغلال المتطوعين كأدوات دعائية.
هذا التداخل يضر بمصداقية العمل المدني ويشكك في نوايا المنظمات وقد يؤدي إلى فقدان الثقة الشعبية فيها.
رابعاً: الانعكاسات القانونية والأخلاقيةينص العديد من القوانين على ضرورة فصل العمل السياسي عن العمل المدني ويمنع استخدام الجمعيات والمنظمات كأدوات انتخابية. وعند حدوث هذا الخلط، يُعد ذلك خرقاً قانونياً وأخلاقياً يعاقب عليه القانون ويهدد بزعزعة الديمقراطية ويشوه طبيعة العمل الطوعي.
خامساً: كيف نحمي العمل المدني من التسييس؟تعزيز الوعي لدى المتطوعين بأهمية الاستقلالية.فرض رقابة فعالة على مصادر التمويل وآليات الصرف.تفعيل دور الإعلام في كشف التجاوزات.
تحديث القوانين الناظمة للعمل المدني بما يمنع تداخله مع العمل السياسي.
بينما يظل العمل التطوعي ومنظمات المجتمع المدني من أنبل أدوات التنمية وخدمة الإنسان، فإن استغلالها لأغراض انتخابية يهدد جوهرها النبيل ويضعف ثقة المواطنين بها. إن حماية هذه الكيانات من التسييس مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود القانونية والإعلامية والمجتمعية لضمان استمرارها في خدمة الإنسان لا السياسي.