يبدو ان المشهد السياسي والاقتصادي قد فرض على العراق 🇮 معادلات جديدة
ويحب على العراق ان يحاول ان يتعامل مع هذه التحديات بالشكل المناسب الذي يخدم المشروع الوطني العراقي في تحقيق فرص الازدهار الاقتصادي وخلق فرص عمل حقيقية وتنمية القطاع الخاص
ويبدو ان هذه المعادلات قد قرضت على العراق ان يكون بين المطرقة والسندان فهل ينجو العراق من نار الدولار او ان يحترق بضجيج مجموعة بريكس
العراق دولة غنية بالموارد من نفط وغاز وفوسفات ويورانيوم وكبريت وزراعة وطرق نقل عالمية في طريق التنمية وميناء الفاو
ولكن يحد صعوبة حقيقية في مواجهة الدولار وخلق سياسته النقدية الفعلية وحماية نظامه المصرفي
العراق في هذه اللحظة المفصلية لايستطيع الوقوف على الهامش انه فعليا بين المطرقة والسندان
مطرقة الدولار وهيمنته على النظام العالمي
وسندان مجموعة بريكس ومشاريعها الطموحة
ان مجموعة بريكس منذ تأسيسها عام 2009 فهي باتت تمثل أكثر من 3.8 مليار نسمة واكثر من 30 تريليون دولار من الناتج المحلي أي ما يعادل 32% من الاقتصاد العالمي
وهنا نلاحظ ان بريكس دوما تسعى بل هو هدفها لبناء نظام مالي بدون الدولار
وهنا نجد انه في المقابل، لا تزال مجموعة السبع G7 تسيطر على 40% من الاقتصاد العالمي وناتج يفوق 45 ترليون دولار
ومن الواقع العملي نجد
أولاً: نار الدولار تحاصر العراق
العراق يدار اقتصاديًا بالدولار منذ 2003 والنظام المالي العراقي مبني بالكامل عليه
90% من احتياطي البنك المركزي بالدولار.
اغلب التجارة الخارجية يتم تسويتها بالدولار
الحوالات الدولية تمر عبر نظام SWIFT الأميركي
الشعب العراقي اصبح يتداول الدولار كعملة بديلة اكثر موثوقية ومرادفة للدينار العراقي واحيا يتداولها كعملة رئيسية
لكن خلال السنوات الأخيرة، بدأت تظهر بشكل واضح أعراض هيمنة الدولار على المعاملات التجارية العراقية سواء الداخلية او الخارجية
ونلاحظ من المعتاد اليوم وبالأمس القريب يوجد تأخير فعلي في التحويلات الخارجية وتقيدها
نلاحظ ايضا ان هنالك قيود وعقوبات من قبل الخزانة الأمريكية على بعض وبعض المصارف العراقية
وايضا ان هنالك إشراف كامل للرقابة الأميركية على التدفقات النقدية وخاصة الخارجية
وحتى الرواتب والموازنات أصبحت رهائن تقلبات الدولار
كل هذه الأسباب وغيرها جعلت الاستقلال المالي العراقي يواجه تحديات كبيرة
ثانيًا: جنة بريكس… هل هي حقيقة ام خيال ام عذاب وعقوبات وهل هي المشروع البديل الحقيقي
وهنا نرجع إلى بريكس تطرح نفسها كبديلاً يغري الكثير من الدول
ولكن هل هي جنة ام عذاب وعقوبات
ان مجموعة بريكس تطرح تبادل تجاري بالعملات المحلية (اليوان، الروبل، الريال)
وهي تحاول بشكل ضمني تارة غير معلن وبشكل علني واضح ان تحاول التخلص من الدولار الأميركي وهذا ما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمواجهتها ومهاجمتها
هي تطرح بشكل جريء فكرة تأسيسي تمويل المشاريع التنموية عبر بنك التنمية الجديد NDB ليكون مرادف ومواجهة لصندوق النقد الدولي
لكن هذا البديل مجموعة بريكس يحمل خطرًا كبيرا نار ملتهبة حارقة
ان الملاحظة وبشكل واضح ان مجموعة بريكس نفسها غير متوافقة غير متجانسة دوما في صراعات متعددة دون ان يكون لهم عملة واحدة
وهنا تارة نرى ان الصين تريد فرض اليوان باعتباره ثاني اهم اقتصاد في العالم بمجموع يتجاوز 19 ترليون دولار
أما روسيا فهي ايضا تروج للروبل كعملة موحدة لبريكس معتمدة على ثقلها العسكري غير الاقتصادي
اما الهند والبرازيل فكليهما يرفضا التبعية لأي عملة ولا يريدون ان يكرروا تجربة الدولار ويدعون بشدة لعملة مشتركة حيادية
النتيجة المرة والمخيفة من كل هذه التناحرات لا توجد حتى الآن عملة موحدة لبريكس، بل نلاحظ أنها مجرد نوايا غير مكتملة
ثالثًا: تهديدات ترامب… وضيق الخيارات
نجد صراحة ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يخف عداءه لمشروع بريكس بل وقالها صراحة:
أي دولة تهدد مركز الدولار ستُواجه برد اقتصادي حاسم.”
وبالفعل، استخدمت واشنطن أدوات الضغط وسوف تستخدم أدوات اكثر ايلاما
في فرض التعرفات الجمركية.
في فرض العقوبات على الحوالات.
في حظر التعامل مع بعض البنوك المرتبطة بروسيا أو الصين.
رابعا رغبات متشابكة واهداف فردية دون العمل المشترك
لو ركزنا على أهداف ونوايا وخطابات دول مجموعة بريكس نجدها إعلانات او خطابات كلامية تقع بين الترغيب والتنديد والفرض في خلق فرص اقتصادية تحفيزية
نلاحظ ان بريكس تملك القوة السكانية لمنوع الدول المنطوية فيها وايضا تملك معدلات عالية من النمو المتسارع
لكنها في نفس الوقت تفتقد الوحدة النقدية والسياسية
نلاحظ ايضا ان مجموعة السبع التقليدية تسيطر على المؤسسات المالية والمصرفية المحلية والعالمية
ولكن مجموعة السبع تواجه شيخوخة اقتصادية من قبل أعضاءها باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية
ويقابلها غضب شديد من الدول النامية.
نجد ان الصين دوما تسعى لزعامة جديدة بهدوء ناعم وتنتشر باستثمارات وطرق نقلها ضمن نطاق دول مجموعة بريكس او الدول الخليجية القادمة بهدوء تام
اما روسيا فهي دوما تحارب للبقاء ضمن التكتل بل تحاول ان تتزعمه مع العلم روسيا لا تملك اقتصادا قويا ناتجها أقل من ألمانيا)، لكنها تسعى لفرض الروبل.
على عكس الصين التي لديها اقتصاد عملاق (19.5 تريليون دولار)
وهنا نلاحظ ان العراق يقف في المنتصف، ويحتاج فعليا لسياسة ذكية تحفظ مصالحه دون الانحياز الكامل لأي طرف
وهنا لا يستطيع العراق الانفكاك تماما 💯 عن الدولار فجأة
ولكن عليه فورا أن يبدأ بإجراءات تدريجية لبناء سيادة نقدية، منها:
1.تنويع الاحتياطيات: تقليل الاعتماد على الدولار تدريجيًا، وشراء ذهب وعملات أخرى كاليورو واليوان.
2.تقوية الدينار: عبر إصلاح النظام المصرفي، ومنع المضاربة، وتثبيت سعر صرف عادل للدينار مقابل الدولار
3. بناء جسور مع امريكا والصين والهند: للدخول في عقود صناعية في بناء مصانع متقدمة على طول ميناء الفاو وطريق التنمية
4. تعزيز التكنولوجيا المالية: اعتماد أنظمة تحويل خارج SWIFT وفتح نوافذ مالية وتجارية
محاولة حل مشكلة المصارف العراقية التي تعاني من العقوبات والقيود الأمريكية في التعامل بالدولار الأمريكي
النظام المصرفي لم يُبنى إلا ليكون مستقلا متنوعا في عملياته المصرفية
لذا فإن الاستقلال النقدي ليس مجرد مشروع سياسي، بل هو مشروع حياة اجتماعية واقتصادية تمس مستقبل العراق ونظامه المصرفي والاقتصادي
ولهذا بل نؤكد ان السيادة النقدية ليست ترفًا… بل شرط بقاء.
وهي ليست شعارًا سياسيًا… بل حجر الأساس لأي اقتصاد منتج مستقل.
ولهذا، فإن السيادة النقدية… قرار لا مفر منه.
ان السيادة النقدية قرار لا مفر منه”.
المحامي سيف الحلفي باحث سياسي ومالي