04 Jan
04Jan


يمكنني هنا إجمال أهم نقاط المقارنة بين الربيع الأوربي الذي ظهرت براعمه في فبراير 1848، وبين الربيع العربي الذي ظهرت براعمه في فبراير 2011:-
1- سبق الربيع الأوربي الربيع العربي بحوالي 163 عام، إذ انطلق الأول عام 1848 في حين لم ينطلق الثاني إلا عام 2011.
2- انطلق الأول من فرنسا، بينما انطلق الثاني من دولة كانت تحتلها فرنسا هي تونس.
3- شمل الربيع الأوربي معظم شعوب أوربا؛ فرنسا،وامبراطورية النمسا،والمقاطعات الألمانية،والمجر،والممالك الإيطالية،وبولندا،والدنمارك في حين شمل الربيع العربي كل من تونس ومصر وسوريا واليمن وليبيا،والبحرين..
4- احدث الأول تغيرات سياسية بسيطة، كما أحدث الآخر تغيرات سياسية تمثلت في تغيير أنظمة الحكم في كل من مصر وليبيا وتونس واليمن، أعقبها بعدة سنوات تغيير النظام في السودان، ثم وبعد مرور 13 عام تم تغيير النظام في سوريا..
5- أحدث الربيع الأوربي تغيير ثقافي هائل في أوربا، في الوقت الذي ظلت الثقافة التقليدية تقاوم التغيير الشامل في البلدان العربية.
6 - كان الربيع الأوربي قد تزامن مع تطور الصناعة والتعليم والفن في أوربا، كما كانت الثورة الفرنسية والثورة الصناعية من أهم مصادر الإلهام في أوربا، في الوقت الذي لم يكن لدى العرب من مصادر إلهام معاصرة،لذا فقد عادوا إلى الوراء كثيرا للاحتماء بالتراث العربي والإسلامي القديم، الأمر الذي أسهم في وصول الأخوان في مصر،والنهضة في تونس، والحركات الراديكالية ذات الطابع الإسلامي الأصولي في سوريا وليبيا واليمن..
7- أدى الربيع الأوربي فيما بعد إلى توحيد الولايات الألمانية والممالك الإيطالية فيما أدى الربيع العربي إلى تقسيم اليمن وليبيا والسودان..
8- تزامن الربيع العربي مع صدور البيان الشيوعي عام 1848 بواسطة كل من كارل ماركس وفردريك إنجلز، في الوقت الذي افتقر فيه الواقع العربي إلى بيان ثوري حقيقي يحاكي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية السائدة في البلدان العربية.
9- كانت الأفكار الديمقراطية والليبرالية والقومية والاشتراكية هي التي تقود الجماهير وتنتشر كالنار في الهشيم وسط المجتمعات الأوربية، في حين كانت الأفكار الدينية والطائفية والقبلية هي السائدة لدى المجتمعات العربية، وكان آخر هذه الشعارات ستبقى دمشق أموية إلى الأبد وهو شعار لا يدعو إلى الرجوع أكثر من 13 قرن إلى الوراء فحسب، وأنما يدعو إلى اعتماده وتكريسه إلى الأبد.
10- كانت الأدوات المتوفرة تقليدية بسيطة لكنها أسهمت في شيوع ثورات الربيع الأوربي وانتشارها، وفي تبني أفكار تقدمية كبرى، في الوقت الذي ظهرت فيه ثورات الربيع العربي في ظل تقدم تقني عالمي هائل تمثل في الانترنيت والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي التي أسهمت في انتشار الدعوة إلى تغيير الأنظمة السياسية الاستبدادية، لكنها وبدلاً من نشر الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وروح المواطنة، نراها أثمرت عن نكوص التقدم، وانتكاس التجارب الديمقراطية البسيطة، وسيطرة الإسلام السياسي، والقبول بالمحاصصة الطائفية والعرقية..
محمد السهر 4 كانون ثاني 2025

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2025 جميع الحقوق محفوظة - جريدة المواطن