حسين العادلي
• يا سادة، يا أربابَ القوائم؛اِرحمونا من هذا المَشهَدِ الرَّثّ،فلم تَشهَد دورةٌ انتخابيّةٌكلّ هذا الفيضَ من الهَزالِ،ولا كلَّ هذا الجَمالَ المُستعارَ من الإعلاناتِ التجاريّة!
• خِطابٌ أجوفُ،وصورةٌ منفوخةٌ بالضوء،وصوتٌ يُغَطِّي فَراغَهُ بالصُّراخ،وسلوكٌ يَتدلّى بينَ المَسرحِ والمَقهى!
• أيُّتها السيّدات، أيُّها السّادة؛إنَّ الكفاءةَ لا تُقاسُ بعددِ الصُّوَر،ولا الأهليةُ بعددِ اللافتات،ولا المهابةُ بماركةِ البَدلَة،ولا الوطنيّةُ بعبارةِ "أنا معكم" تُعلَّقُ فوقَ وجهٍ مُجمَّلٍ بالمكياجِ والنِّفاق!
• لقد تحوّلَتِ الحَملاتُ إلى سوقٍ للمظاهر،تُعرَضُ فيها الأجسادُ قبلَ الأفكار،والشعاراتُ قبلَ المشاريع،والابتساماتُ قبلَ الضمائر!
• يا أربابَ القوائم،الوطنُ ليسَ مسابقةَ صُوَر،ولا الدِّيمُقراطيّةُ إعلانَ عَطرٍ جديد!فوقَ كلِّ جدارٍ وُضِعَ وجهٌ،وتحتَ كلِّ وجهٍ سقطَ وَجهُ الجدارة!
• لقد تَعملقَ الخِطابُ الطائفيُّ،واستيقظَتِ النُّزعاتُ،فصارَ الوطنُ مقسوماً على الميكروفونات،يُوزَّعُ كالغنيمةِ في خُطَبِ المهرجانات!وغَرِقَتِ المنابرُ في لُغةِ السِّبابِ والقدح،فلم يَعُدِ الخِلافُ تنافساً في البرامج،بل مِضماراً للشتائمِ والغرائزِ والانفعالات!
• اِرحمونا من هذا المَشهَدِ الرَّثّ،فقد ضجَّ المشهدُ بأحمَرِ الشِّفاهِ ورَبطاتِ العُنق،واختنقَ الخِطابُ بالعِطرِ والمكياج،وضاعَ العقلُ بينَ الميكروفونِ والمِرآة!
• اِرحمونا،فالوطنُ لا يُرمَّمُ بالفلترات،ولا يُحرَّرُ بالأزياء،ولا يُرفَعُ شأنُهُ بوجوهٍ تتدرَّبُ على التبسُّمِأكثرَ ممّا تتدرَّبُ على الصِّدق!
• اِرحمونا من هذا المَشهَدِ الرَّثّ...فالوطنُ أسمى من الاستعراض،والمسؤوليّةُ أجلُّ من المزايدة،والمستقبلُ أنقى من أن يُلوِّثَهُ هذا الطَّفح!
• ويا سادة؛ لا تُغرقوا الوطنَ في زَبدِ الابتِذال،واعلموا: (.. فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذهَبُ جُفَاءً، وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمكُثُ فِي الأَرضِ، كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ).