المواطن – متابعة
تميز افتتاح مهرجان سان سيباستيان السينمائي الدولي بجو تضامني مع غزة، سواء داخل أو خارج قصر المؤتمرات (كورسال)، حيث اصطف المئات من المتابعين لفعاليات المهرجان حاملين معهم الأعلام والكوفية الفلسطينية، مستقبلين الحضور على السجادة الحمراء.
وكان من بينهم وزير التحول الرقمي والخدمة العامة، أوسكار لوبيث، ووزير الثقافة، إرنست أورتاسون، والنائبة الثانية لرئيس الحكومة الإسبانية ووزيرة العمل، يولاندا دياث، إلى جانب مدير المهرجان، خوسيه لويس ريبوردينوس، والمخرج السينمائي بيدرو ألمودوفار، مرتدين شارات احتجاج على ملابسهم.وبعد تقديم لجنة تحكيم الدورة وفيلم الافتتاح «27 ليلة» للمخرج الأوروغوياني دانييل إيندلر، تم تخصيص فقرتين أساسيتين لتكريم مسارين سينمائيين إسبانيين قدما الكثير للمشهد الفني رغم اختلاف مجال تخصصهما واشتغالهما.
ضمن فقرة (بريميو دونوستيا)، تم تتويج المنتجة إيستير غارثيا بالجائزة تكريمًا لمسارها السينمائي الممتد لأزيد من أربعين سنة، ولما أسدته من خدمات في قطاع الإنتاج السينمائي الإسباني، والذي ابتدأ بشكل احترافي بعد انضمامها سنة 1986 لشركة الإنتاج إلديسييو التي أنشأها الأخوان ألمودوفار.
وسلم المخرج السينمائي بيدرو ألمودوفار الجائزة لزميلته إيستير غارثيا، قائلًا: «ممنون لك للسماح بإحياء عالم بيدرو الرائع، الفريد والشخصي للغاية، بأفلام كسرت الأحكام المسبقة وعبرت الحدود، والتي أصبحت مرجعًا للمشاهدين والمبدعين في جميع أنحاء العالم».وفي كلمتها، وبعد أن ذكرت إيستير غارثيا والديها كقدوتين أساسيتين، استرجعت بداياتها التي اتسمت «بصعوبات كبيرة لكونها شابة في عالم الرجال، ذات تعليم محدود وفي غياب للمرجعيات».
وتابعت المنتجة الإسبانية، بعد أن تذكرت رفيقاتها بيلار مولينا وباتريثيا فيرايرا وكريستينا أويتي، قائلة: «كان عددنا قليلًا، لكننا ناضلنا، ونواصل البحث عن مكانتنا في هذه المهنة العزيزة. لا يزال هناك الكثير لنفعله. لن نتراجع خطوة واحدة يا زميلاتي».ولم يفت إيستير غارثيا الإشارة إلى قوة التضامن في الدفاع عن القضايا العادلة: «معًا، وبوحدتنا في وجه الظلم سنضع حدًا لهذه المواقف البغيضة، كتلك التي عاشها مئات الآلاف في أوكرانيا، أو الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
توقفوا الآن… لمواجهة هذه الهيمنة الشاملة للأقوى، دعونا نناضل بكل ما أوتينا من قوة للدفاع عن الضعفاء.
جميعنا ضعفاء. أثق في قوة الثقافة. السينما بيت للأحلام، وصوت عالٍ لإعلان المطالب… فالأفلام أدواتنا لبناء عالم أجمل وأفضل».اختار المهرجان أن يكرم الممثلة الإسبانية والرئيسة السابقة لأكاديمية الفنون والعلوم السينمائية، ماريا باريديس، بأن تتصدر صورتها الملصق الرسمي للدورة، ثم تخصيص فقرة خاصة لها أثناء حفل الافتتاح.في كلمتها، وصفت الممثلة الفرنسية جولييت بينوش الراحلة ماريسا باريديس بـ «الفنانة المدافعة عن حقوق الإنسان».
وبعد أن شكرت المهرجان على إتاحة الفرصة لها لعرض فيلمها الأول «إن ـ أي إن موشن»، اعترفت بينوش قائلة: «مثل ماريسا، حلمت بأن أصبح ممثلة ونجحت، لكنني لم أتخيل يومًا أنني سأتمكن من إخراج فيلم… بدا لي ذلك حلمًا بعيد المنال».ولم يفت جولييت بينوش أن تندد بالمجازر التي تتعرض لها غزة، قائلة: «أود أن أعرب عن دعمي لمن يحلمون بإنهاء المجازر في فلسطين والألم والقسوة».
وتابعت جولييت بينوش، التي تخوض أول تجربة لها في الإخراج: «كما أود أن أعرب عن أملي في إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في ظروف مروعة… الآن، نحن بحاجة إلى التغيير. نحن قادرون على التغيير. لسنا مجرد مخلوقات، بل نحن مبدعون… لنستيقظ».
كما عرف المهرجان تسليم جائزة «فيبريسي» الكبرى لأفضل فيلم لهذا العام، والتي تمنحها الفيدرالية الدولية للصحافة السينمائية التي تحتفي بقرابة مئة عام على تأسيسها، حيث سلمت الصحافية والناقدة الإسبانية كارمن غراي الجائزة للمخرج البرازيلي والتر ساليس عن فيلمه «ما زلت هنا».وأعرب والتر ساليس عن امتنانه بهذا التتويج، واصفًا عمله بأنه فيلم «عن الذاكرة والمقاومة»، وبأن هذه الجائزة «مؤثرة بشكل خاص لأنه استلمها في بلد بونويل وماريسا باريديس التي لا تُنسى».